تكملة حاشية رد المحتار - ابن عابدين ( علاء الدين ) - ج ١ - الصفحة ١١
أقول: الظاهر أن مرادهم التحريم مطلقا وسد الباب بالكلية، وإلا فالحرمة عند قصد اللهو ليست محل الخلاف بل متفق عليها كما مر ويأتي: يعني لما كان الغالب في هذه الأزمنة قصد اللهو لا التقوى على الطاعة منعوا من ذلك أصلا. تأمل. قوله: (وذكر) أي في كتاب الحدود ونصه: وفي العمادية حكي عن صدر الاسلام أبي سائر اليسر البزدوي أنه وجد رواية عن أصحابنا جميعا أنه يجب الحد، فإن الحد إنما يجب في سار الأنبذة عندهما، وإن كان حلالا شربه في الابتداء، لان ما يقع به السكر حرام، والسكر سبب الفساد فوجب الحد لينزجروا عن شربه فيرتفع الفساد، وهذا المعنى موجود في هذه الأشربة ا ه‍: أي الأشربة المتخذة من الحبوب المذكورة قبل هذه العبارة.
وحاصله: أنهما حيث حللا الأنبذة وأوجبا الحد بالقدح المسكر منها لزم منه وجوب الحد بالسكر من باقي الأشربة كما هو قول محمد. قوله: (إنه مروي) يوهم أن الضمير راجع لتحريم الأشربة قليلها وكثيرها، وليس كذلك بل هو راجع للحد بالسكر منها كما علمت، ولا يلزم من وجوب الحد بما يقع به السكر أن يحرم القليل والكثير كما لا يخفى. قوله: (لمن من مسكر الحب يسكر) من موصولة والثانية بيانية (1) والحب: جنس: أي يسكر من مسكر الحبوب، وحكم ما كان من غير أصل الخمر وهو الزبيب والعنب والتمر كذلك ش. قوله: (وفي طلاق البزازية) الأولى حذف طلاق، لان قوله: (ما أسكر كثيره فقليله حرام وهو نجس لم يذكره في كتاب الطلاق بل في كتاب الأشربة. قوله: (وقال محمد الخ) أقول: الظاهر أن هذا خاص بالأشربة المائعة دون الجامد كالبنج والأفيون، فلا يحرم قليلها بل كثيرها المسكر، وبه صرح ابن حجر في التحفة وغيره، وهو مفهوم من كلام أئمتنا لأنهم عدوها من الأدوية المباحة وإن حرم السكر منها بالاتفاق كما نذكره، ولم نر أحدا قال بنجاستها ولا بنجاسة نحو الزعفران مع أن كثيره مسكر، ولم يحرموا أكل قليله أيضا، ويدل عليه أنه لا يحد بالسكر منها كما يأتي، بخلاف المائعة فإنه يحد، ويدل عليه أيضا قوله في غرر الأفكار: وهذه الأشربة عند محمد وموافقيه كخمر بلا تفاوت في الاحكام، وبهذا يفتى في زماننا ا ه‍. فخص الخلاف بالأشربة، وظاهر قوله بلا تفاوت أن نجاستها غليظة فتنبه، لكن يستثنى منه الحد فإنه لا يجب إلا بالسكر، بخلاف الخمر.
والحاصل: أنه لا يلزم من حرمة الكثير المسكر حرمة قليلة ولا نجاسته مطلقا إلا في المائعات لمعنى خاص بها. أما الجامدات فلا يحرم منها إلا الكثير المسكر، ولا يلزم من حرمته نجاسته كالسم القاتل فإنه حرام مع أنه ظاهر، هذا ما ظهر لفهمي القاصر، وسنذكر ما يؤيده ويقويه ويشيده. قوله:
(ولو سكر منها الخ) ظاهره أنه لا يحد بالقليل منها الذي لا يحصل به الاسكار، وهو ظاهر قوله

(1) قوله: (والثانية بيانية) لعل الصواب ابتدائية، لان ضابط من البيانية وهو كون ما بعدها أخص ما قبلها مبين له لا يأتي هنا كما لا يخفى ا ه‍.
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 3
2 كتاب الصيد 18
3 كتاب الرهن 36
4 باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز 49
5 باب الرهن يوضع على يد عدل 63
6 باب التصرف والجناية عليه وجنايته على غيره 69
7 فصل في مسائل متفرقة 83
8 كتاب الجنايات 91
9 باب القود فيما دون النفس 117
10 باب الشهادة في القتل واعتبار حالته 136
11 كتاب الديات 143
12 باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره 164
13 باب جناية البهيمة والجناية عليها 175
14 باب جناية المملوك والجناية عليه 186
15 باب القسامة 201
16 كتاب المعاقل 218
17 كتاب الوصايا 226
18 باب الوصية بثلث المال 248
19 باب العتق في المرض 261
20 باب الوصية للأقارب وغيرهم 265
21 باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة 275
22 باب الوصي 284
23 كتاب الخنثى 315
24 كتاب الفرائض 349
25 باب العول 380
26 باب توريث ذوي الأرحام 386
27 باب المخارج 399
28 مطلب تقرير في النظر بلا علمه 460
29 مطلب الناظر وكيل في حياة الواقف وصي في موته 460
30 مطلب الاجر بقدر المشقة 472
31 كتاب الشهادات 474
32 باب القبول وعدمه 520
33 مطلب إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته 524
34 مطلب شهد أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الانف 552
35 باب الاختلاف في الشهادة 616
36 باب الشهادة على الشهادة 646
37 مطلب علم القاضي ليس بحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة اه‍ منه 652
38 مطلب في معنى قولهم الإساءة أفحش من الكراهة والكراهة أفحش من الإساءة 652
39 مطلب فلان بدون الألف واللام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم 652
40 باب الرجوع عن الشهادة 663
41 مطلب في علة العلة 688
42 كتاب الوكالة 691
43 مطلب يشترط العلم للوكيل بالتوكيل 693
44 مطلب مسألة القمقمة 716
45 باب الوكالة بالبيع والشراء 724
46 مطلب الجهالة ثلاثة أنواع 724
47 مطلب حادثة الفتوى 742
48 فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع ترد شهادته له 759
49 مطلب تفسير الخيرية 762
50 مطلب في حد الفاحش 767
51 مطلب الشركة مثل المضاربة في أن الأصل فيها الاطلاق 773
52 باب الوكالة بالخصومة والقبض 791
53 باب عزل الوكيل 813