لكنه مستثنى لحرمة الانتفاع بنجس العين، وما ورد به نص بخصوصه حتى يتبع بل أمرنا باجتنابه فلا يصح قياسه على الكلب المنصوص عليه، ولذا جزم باستثنائه المصنف كالهداية والتبيين والبدائع والاختيار، هذا تقرير كلام الشارح الفاضل، وقد خفي على غير واحد ونسبه بعضهم للغفلة وهو برئ عنها ولله تعالى دره. نعم فاته الجواب عن قول القهستاني: والخنزير ليس بنجس العين، لكن تركه لظهور أن المذهب خلافه، والتعليل بنجاسة عينه مبني على ما هو المذهب. تأمل. قوله: (بشرط علمهما) بدليل الحديث المار، وقوله تعالى: * (مكلبين) * أي معلمين الاصطياد * (تعلمونهن) * (المائدة: 4) تؤدبوهن. وتمامه في الزيلعي. والمناسب الاتيان بالواو عطفا على قوله بشرط التعليم، ثم إن هذا الشرط مغن عن ذاك. قوله: (وذا) أي العلم، والباء في بترك للتصوير ط. قوله: (بترك الاكل ثلاثا) أي متواليات. قهستاني. وهذا عندهما، وهو رواية عنه لان فيما دونه مزيد الاحتمال، فلعله تركه مرة أو مرتين شبعا، فإذا تركه ثلاثا دل على أنه صار عادة. وتمامه في الهداية.
ونقل ط عن الحموي: أنه لا بد من ترك الاكل مع الجوع لا الشبع فتأمل. وعم أكله من الجلد والعظم والجناح والظفر وغيرها كما في قاضيخان وغيره. قهستاني، وعند أبي حنيفة: لا بد أن يغلب على ظن الصائد وأنه معلم ولا يقدر بالثلاث. ومشى في الكنز والنقاية والاصطلاح ومختصر القدوري على اعتبار التقدير بالثلاث، وظاهر الملتقى ترجيح عدمه. ثم على رواية التقدير عن الامام يحل ما اصطاده ثالثا، وعندهما في حل الثالث روايتان. قال في الخلاصة والبزازية: والأصح الحل. قوله:
(في الكلب ونحوه) أي من كل ذي ناب فشمل نحو الفهد والتمر، وقوله: بالرجوع إذا دعوته في البازي ونحوه أي من كل ذي مخلب. قال في الهداية لان بدن البازي لا يحتمل الضرب وبدن الكلب يحتمل فيضرب ليتركه، ولأن آية التعليم ترك ما هو مألوفه عادة والبازي متوحش متنفر فكانت الإجابة آية تعليمه.
أما الكلب فهو ألوف يعتاد الانتهاب، فكان آية تعليمه ترك مألوفه وهو الاكل والاستلاب ا ه.
والتعليل الثاني لا يتأتى في الفهد والنمر فإنه متوحش كالبازي مع أن الحكم فيه وفي الكلب سواء، فالمعتمد هو الأول كفاية عن المبسوط، ونحوه في العناية والمعراج. وفي التتارخانية عن الكافي:
والحكم في الفهد والكلب سواء ا ه. أي: لا يشترط فيه إلا ترك الاكل. وفي الاختيار ما يخالفه حيث قال: والفهد ونحوه يحتمل الضرب، وعادته الافتراس والنفار فيشترط فيه ترك الاكل والإجابة جميعا، ومثله في الدر وغاية البيان وغيرهما، وهو مبني على اعتبار التعليل الثاني.
أقول: ومقتضى اعتماد التعليل الأول ترجيح ما مر، فتدبر.
تنبيه: لم يذكر البازي بكم إجابة يصير معلما، فينبغي أن يكون على الاختلاف الذي ذكر في الكلب ولو قيل: يصير معلما بإجابة واحدة كان له وجه لان الخوف ينفره، بخلاف الكلب. زيلعي.
قلت: وفي التتارخانية والذخيرة وغيرهما: إذا فر البازي من صاحبه فدعاه فلم يجبه حتى حكم بكونه جاهلا إذا أجاب ثلاث مرات بعد ذلك على الولاء يحكم بتعلمه عندهما. وقال قبله عن المحيط: وأما البازي وما بمعناه فترك الاكل في حقه ليس علامة تعلمه بل أن يجيب صاحبه إذا دعاه،