____________________
يقوم مقام المرتهن في الابتداء فكذلك في البقاء. ولو دفع العدل الرهن إلى الراهن أو المرتهن يضمن لأنه متى دفع إلى المرتهن فقد دفع الأمانة بغير إذنه كما لو دفع إلى أجنبي ومتى دفع إلى الراهن فقد أبطل ملك اليد والحبس على المرتهن فإنه يثبت له ملك اليد والحبس بقبض العدل، وإبطال ملك السيد كإبطال ملك العين في ايجاب الضمان، فإن من أتلف الرهن يضمن للمرتهن كما يضمن للراهن، وإن قبضا القيمة من العدل وجعلاها رهنا في يد العدل ثم قضى الراهن دين المرتهن فأراد أن يأخذ القيمة من العدل ينظر، إن كان العدل ضمن بدفع الرهن إلى الراهن ليس له ذلك لأنه وصل إليه حقه فتبقى القيمة للعدل، وإن كان ضمن بدفع الرهن إلى المرتهن والراهن أخذ القيمة منه لأنه لو كان الرهن قائما بعينه في يده بعد قضاء الدين فللراهن أخذه، وكذلك أخذ بدله. ثم العدل هل يرجع بقيمة على المرتهن ينظر، إن كان دفع الرهن إليه على وجه العارية والوديعة لا يرجع بقيمة ما دفع إليه إن كان هلك الرهن في يد المرتهن إن العدل لما ملك القيمة فقد ملك الرهن بالضمان فصار معيرا ومودعا ملكه، فإن دفع إليه رهنا بأن قال خذ هذا رهنك خذه فاحسبه يرجع العدل عليه بالقيمة لو هلك في يده لأنه ملكه بأداء الضمان وقد دفع إلى المرتهن بجهة مضمونة وهي الرهن فصار كما لو دفعه إليه على سوم القرض والبيع، وهذه التعريفات ذكرها الفقيه أبو جعفر الهنداوي رحمه الله تعالى. ولو كان العدل رجلين والرهن مالا يقسم فوضعاه عند أحدهما جاز ولم يضمنا لأن اجتماعهما على حفظ جميع الرهن في الأوقات كلها وهو لا يقسم متعذر فلم يبق إمكان الحفظ إلا بالتهايؤ ومطلق الامر بالحفظ يتصرف إلى حفظ يمكن بدلاله إحالة الامر وذلك بالتهايؤ، والثابت دلالة كالثابت نصا فجعل الدفع إلى أحدهما بإذن المالك فلم يضمنا. وإن كان مما يقسم يضمن القابض بالاجماع ويضمن الدافع عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى خلافا لهما على ما عرف في الوديعة. قال رحمه الله: (ويهلك في ضمان المرتهن) لأن يده في حق المالية يد المرتهن والمالية هي المضمونة، ولو دفع العدل الرهن إلى أحدهما ضمن لأنه مودع الراهن في حق العين ومودع المرتهن في حق المالية وكل منهما أجنبي عن الآخر والمودع يضمن بالدفع إلى الأجنبي، وإذا ضمن العدل قيمة الرهن بالتعدي فيه إما بإتلافه أو بدفعه إلى أحدهما وأتلفه المدفوع إليه لا يقدر العدل أن يجعل القيمة رهنا في يده لأن القيمة واجبة عليه فلو جعلها رهنا في يد يصير قاضيا ومقتضيا وبينهما تناف ولكن يأخذانها منه ويجعلانها رهنا عنده أو عند غيره فيجوز، فإن تعذر اجتماعهما يرفع أحدهما الامر إلى القاضي ليفعل ذلك، فإن جعل القيمة رهنا برأيهما أو برأي القاضي عند العدل الأول أو عند غيره ثم قضى الراهن الدين فقد تقدم بيانه. قال رحمه الله: (فإن وكل الراهن المرتهن أو العدل أو غيرهما ببيعه عند حول الدين صح) لأن الراهن مالك فله أن يوكل من شاء من الأهل ببيع ماله مطلقا ومنجزا