تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٢ - الصفحة ٣٤٠

____________________
قال إن الذي يشرب في إناء الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم (1) فإذا ثبت في الشرب فالاكل كذلك والتطيب لاستوائهم في الاستعمال فيكون الوارد فيها يكون واردا فيما هو في معناها دلالة، ولأنها تنعم بتنعم المترفهين والمسرفين وتشبه بهم وقد قال الله تعالى فيهم * (أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا) * (الأحقاف: 20) وقال عليه الصلاة والسلام من تشبه بقوم فهو منهم (3) والمراد بقوله كره كراهة التحريم ويستوي فيه الرجال والنساء لاطلاق ما روينا، وكذا الاكل بملعقة الذهب والفضة والاكتحال بميلها وما أشبه ذلك من الاستعمالات. ومعنى يجرجر يردد من جرجر الفحل إذا ردد صوته في حنجرته. قال في النهاية: قيل صورة الادهان المحرم هو أن يأخذ آنية الذهب أو الفضة ويصب الدهن على الرأس، أما إذا أدخل يده وأخذ الدهن ثم يصب على الرأس لا يكره، وعزاه إلى الذخيرة.
وظاهر عبارة النهاية حيث عبر بقيل أنه ضعيف قال في الجامع الصغير قالوا: وهذا إذا كان يصب من الآنية على رأسه أم بدنه أما إذا أدخل يده في الاناء وأخرج منها الدهن ثم استعمل فلا يكره اه‍. وهو يفيد صحته، قال في العتابية: وأرى أنه مخالف لما ذكره المصنف في المكحلة والميل ولا بد أن ينفصل عنها حين الاكتحال ومع ذلك فقد ذكر في المحرمات. واعترض صاحب التسهيل على ما قيل في صورة الادهان وهو يقتضي أنه لا يكره إذا أخذ الطعام من آنية الذهب والفضة بملعقة ثم أكل منها، وكذا إذا أخذ بيده ثم أكل منها. وأجاب عنه صاحب الدرر والغرر بما يصلح جوابا عما أورده صاحب العناية قال حيث قال بعد ذكر الاعتراض أقول: منشؤه الغفلة عن معنى عبارة المشايخ وعدم الوقوف على مرادهم، أما الأول فلان من في قولهم من إناء ذهب ابتدائية، وأما الثالث فلان مرادهم أن الأدوات المصنوعة من المحرمات إنما يحرم استعمالها فيما صنعت له بحسب متعارف الناس فإن الأواني الكبيرة المصوغة من الذهب والفضة لأجل أكل الطعام إنما يحرم استعمالها إذا أكل منها باليد أو الملعقة، وأما إذا أخذ منها ووضع على موضع مباح فأكل منه لم يحرم لانتفاء ابتداء الاستعمال منها، وكذا الأواني الصغيرة المصنوعة لأجل الادهان ونحو إنما يحرم استعمالها إذا أخذت وصب منها الدهن على الرأس لأنها صنعت لأجل الادهان منها بذلك الوجه.
وأما إذا أدخل يده وأخذ الدهن وصبه على الرأس من اليد فلا يكره لانتفاء ابتداء الاستعمال منها، فظهر أن مرادهم أن يكون ابتداء الاستعمال المتعارف من ذلك على العرف المحرم ا ه‍. وأورد عليه بأن الموجود في عبارة المتقدمين كالجامع الصغير والمحيط والذخيرة

(1) رواه البخاري في كتاب الأشربة باب 28. مسلم في كتاب اللباس حديث 1. ابن ماجة في كتاب الأشربة باب 17. الموطأ في كتاب النبي حديث 11. أحمد في مسنده (6 / 98، 301).
(2) رواه أبو داود في كتاب اللباس باب 4. أحمد في مسنده (2 / 50).
(٣٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 328 330 334 335 339 340 341 342 343 344 345 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الإجارة 3
2 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها 16
3 باب الإجارة الفاسدة 28
4 باب ضمان الأجير 46
5 باب فسخ الإجارة 61
6 كتاب المكاتب كتاب المكاتب 71
7 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله وما لا يجوز 81
8 باب كتابة العبد المشترك 101
9 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى 107
10 كتاب الولاء كتاب الولاء 116
11 كتاب الاكراه كتاب الاكراه 127
12 باب الحجر 141
13 كتاب المأذون كتاب المأذون 155
14 كتاب الغصب كتاب الغصب 196
15 كتاب الشفعة كتاب الشفعة 228
16 باب طلب 233
17 باب ما يجب فيه الشفعة وما لم يجب 249
18 باب ما تبطل في الشفعة 254
19 كتاب القسمة كتاب القسمة 267
20 كتاب المزارعة كتاب المزارع 289
21 كتاب المساقاة كتاب المساقاة 298
22 كتاب الذبائح كتاب الذبائح 305
23 كتاب الأضحية كتاب الأضحية 317
24 كتاب الكراهية كتاب الكراهية 330
25 فصل في الأكل والشرب 335
26 فصل في اللبس 347
27 فصل في النظر واللمس 351
28 فصل في الاستبراء وغيره 359
29 فصل في البيع 365
30 كتاب إحياء الموات كتاب إحياء الموات 385
31 كتاب الأشربة كتاب الأشربة 399
32 كتاب الصيد كتاب الصيد 406
33 كتاب الرهن كتاب الرهن 427
34 باب ما يجوز ارتهانه والارتهان به وما لا يجوز 445
35 باب الرهن يوضع على يد عدل 468
36 باب التصرف في الرهن والجناية عليه وجنايته على غيره 480