البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٩٠
يقطع لكمال النصاب في حق السارق قوله: (ولا يقطع بخشب وحشيش وقصب وسمك وطير وصيد وزرنيخ ومغرة ونورة) لأنه لا قطع فيما يوجد تافها مباحا في دار الاسلام لقول عائشة رضي الله عنها: كانت اليد لا تقطع في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشئ التافه أي الحقير. وما يوجد جنسه مباحا في الأصل بصورته غير مرغوب فيه حقير لقلة الرغبات فيه والطباع لا تضن به فقل ما يوجد آخذه على كره من المالك فلا حاجة إلى شرع الزاجر ولهذا لم يجب القطع بسرقة ما دون النصاب، ولان الحرز فيها ناقص ألا يرى أن الخشب يلقى على الأبواب وإنما يدخل في الدار للعمارة لا للاحراز والطير يطير والصيد يفر، وكذا الشركة العامة التي كانت فيه وهي على تلك الصفة تورث الشبهة والحد يندرئ بها. أطلق الخشب وهو مقيد بما إذا لم يحدث فيه صنعة متقومة، فإن كان معمولا قطع فيه كما في شرح الطحاوي كما يقطع في الحصر البغدادية كما في غاية البيان، ومقيد بما إذا لم تجر العادة بإحرازه، فإن كان مما يحرز كالساج والأبنوس فإنه يقطع فيه. وأطلق السمك فشمل الطري والمالح، والطير فشمل الدجاج والبط والحمام، ونظر بعضهم في الزرنيخ فقال: ينبغي أن يقطع به لأنه يحرز ويصان في دكاكين العطارين كسائر الأموال. واختلف في الوسمة والحناء والوجه القطع لأنه جرت العادة بإحرازه في الدكاكين. والمغرة - بفتح الغين - الطين الأحمر ويجوز إسكانها. وألحق في المجتبى بما ذكر الفحم والأشنان والزجاج والملح والخزف، واستثنى في الظهيرية من الطير الدجاج فأوجب القطع فيه.
قوله: (وفاكهة رطبة أو على شجر ولبن ولحم وزرع لم يحصد وأشربة وطنبور) لأنه لا قطع فيما يتسارع إليه الفساد لقوله عليه السلام لا قطع في ثمرة ولا كثر والكثر الجمار.
وقال عليه السلام لا قطع في الطعام والمراد والله أعلم ما يتسارع إليه الفساد كالمهيأ للاكل منه وما في معناه كاللحم والتمر لأنه يقطع في الحنطة والسكر إجماعا ولا إحراز فيما على الشجر وفي زرع لم يحصد ولتأول السارق في الأشربة المطربة الإراقة وبعضها ليس بمال، وفي مالية بعضها اختلاف فيتحقق شبهة عدم المال والطنبور من المعازف. أطلق في الفاكهة فشمل العنب والرطب على المختار لأنه يخاف الفساد من وجه. وذكر الأسبيجابي أنه لا بد أن
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست