البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٩٤
الأول وهو مال بيت المال فإنه مال المسلمين وهو منهم، وإذا احتاج ثبت الحق له فيه بقدر حاجته فأورث شبهة والحدود تدرأ بها. وأما مال الوقف فلم أر من صرح به ولا يخفي أنه لا يقطع به لعدم المالك كما صرحوا أنه لو سرق حصر المسجد ونحوها من حرز فإنه لا يقطع معللين بعدم المالك قوله: (ومثل دينه) لأنه استيفاء لحقه. أطلقه فشمل ما إذا كان الدين مؤجلا وهو استحسان لأن التأجيل لتأخير المطالبة. والمراد بالمماثلة المثل من حيث الجنس بأن كان من النقود، سواء كان من جنسه حقيقة كأن يكون دينه دراهم فسرق دراهم، أو من جنسه حكما كأن سرق دنانير في الصحيح ولهذا كان للقاضي أن يقضي بها دينه من غير رضا المطلوب ويضم أحدهما إلى الآخر في الزكاة فخرج ما إذا سرق عروضا ومنها الحلي فإنه يقطع لأنه ليس باستيفاء وإنما هو استبدال فلا يتم إلا بالتراضي ولم يوجد. وعن أبي يوسف أنه لا يقطع لأن له أن يأخذه عند بعض العلماء قضاء من حقه أو رهنا بحقه. قلنا: هذا قول لا يستند إلى دليل ظاهر فلا يعتبر بدون اتصال الدعوى به حتى لو ادعى ذلك درئ عنه الحد لأنه ظن في موضع الخلاف، وأما المماثلة من حيث القدر فليست بشرط لأنه لو سرق زيادة على حقه لا يقطع لأنه بمقدار حقه يصير شريكا فيه فيصير شبهة، وكذا المماثلة من حيث الوصف حتى لو سرق من جنس حقه أجود أو أراد ألا يقطع، كذا في المجتبى. وفيه أن ابن أبي ليلى والشافعي يطلقان أخذ خلاف جنس حقه للمجانسة في المالية، وما قالا هو الأوسع،
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست