أمة على حرة. وأما الخامسة وهي ما إذا قذف مسلما زنى في حال كفره فلتحقق الزنا منه شرعا وإن كان الاثم قد ارتفع بإسلامه لانعدام الملك ولهذا وجب عليه الحد لو كان في ديارنا. وأطلقه فشمل الحربي والذمي وما إذا كان الزنا في دار الاسلام أو في دار الحرب، وشمل ما إذا قال له زنيت. وأطلق ثم أثبت أنه زنى في كفره أو قال له زنيت وأنت كافر فهو كما لو قال لمعتق زنيت وأنت عبد. وأما السادسة وهي ما إذا قذف مكاتبا مات عن وفاء فلتمكن الشبهة في الحرية لمكان اختلاف الصحابة رضي الله عنهم. وقيد بكونه مات عن وفاء ليفيد أن المكاتب إذا مات من غير وفاء لا حد على قاذفه بالأولى لموته عبدا.
قوله: (وحد قاذف واطئ أمة مجوسية وحائض ومكاتبة ومسلم نكح أمه في كفره) لما ذكرنا أن ملكه في هذه الأشياء ثابت والمراد بأمه محرمه، وهذا عند أبي حنيفة. وقالا: لا يحد قاذفه بناء على أن نكاح الكافر محرمه صحيح وعندهما فاسد كما قدمناه في بابه قوله:
(ومستأمن قذف مسلما) أي حد، وكان أبو حنيفة أولا يقول: لا يحد لأن المغلب فيه حق الله تعالى فصار كسائر الحدود ثم رجع إلى ما ذكر هنا لأن فيه حق العبد وقد التزم إيفاء حقوق العباد لأنه التزم أن لا يؤذي بطمعه في أن لا يؤذي. والحاصل أن حد القذف يجب عليه اتفاقا، وحد الخمر لا يجب عليه اتفاقا، ولا يجب حد الزنا والسرقة خلافا لأبي يوسف، وأما الذي فيجب عليه جميع الحدود اتفاقا إلا حد الخمر، كذا في غاية البيان قوله: (ومن قذف أو زنى أو شرب مرارا فحد فهو لكله) أما الأخيران فلان المقصد من إقامة الحد حقا لله تعالى الانزجار واحتمال حصوله بالأول قائم فتمكن شبهة فوات المقصود في الثاني، وأما القذف فالمغلب فيه عندنا حق الله تعالى فيكون ملحقا بهما. قيد بكونه فعل أحد هذه الأشياء لأنه لو فعل كلها بأن زنى وقذف وشرب الخمر فإنه يحد لكل واحد حده منها لعدم حصول المقصود بالبعض إذ الأغراض مختلفة، فإن المقصود من حد الزنا صيانة الأنساب، ومن حد القذف صيانة الاعراض، ومن حد الشرب صيانة العقول، فلا يحصل بكل جنس إلا ما قصد