قوله: (ومن جعل مسجدا تحته سرداب أو فوقه بيت وجعل بابه إلى الطريق وعزله أو اتخذ وسط داره مسجدا وأذن للناس بالدخول فله بيعه ويورث عنه) لأنه لم يخلص لله تعالى لبقاء حق العبد متعلقا به. والسرداب بيت يتخذ تحت الأرض لغرض تبريد الماء وغيره، كذا في فتح القدير. وفي المصباح: السرداب المكان الضيق يدخل فيه والجمع سراديب اه.
وحاصله إن شرط كونه مسجدا أن يكون سفله وعلوه مسجدا لينقطع حق العبد عنه لقوله تعالى * (وأن المساجد لله) * (الجن: 18) بخلاف ما إذا كان السرداب أو العلو موقوفا لمصالح المسجد فإنه يجوز إذ لا ملك فيه لاحد بل هو من تتميم مصالح المسجد فهو كسرداب مسجد بيت المقدس. هذا هو ظاهر المذهب، وهناك روايات ضعيفة مذكورة في الهداية. وبما ذكرناه علم أنه لو بنى بيتا على سطح المسجد لسكني الإمام فإنه لا يضر في كونه مسجدا لأنه من المصالح. فإن قلت: لو جعل مسجدا ثم أراد أن يبني فوقه بيتا للإمام أو غيره هل له ذلك؟ قلت قال في التتارخانية: إذا بنى مسجدا وبنى غرفة وهو في يده فله ذلك، وإن كان حين بناه خلى بينه وبين الناس ثم جاء بعد ذلك يبني لا يتركه. وفي جامع الفتاوى: إذا قال عنيت ذلك فإنه لا يصدق اه. فإذا كان هذا في الواقف فكيف بغيره، فمن بنى بيتا على جدار المسجد وجب هدمه ولا يجوز أخذ الأجرة. وفي البزازية: ولا يجوز للقيم أن يجعل شيئا من المسجد مستغلا ولا مسكنا وقدمناه. ولم يذكر المصنف حكم المسجد بعد خرابه، وقد اختلف فيه الشيخان فقال محمد: إذا خرب وليس له ما يعمر به وقد استغنى الناس عنه لبناء مسجد آخر أو لخراب القرية أو لم يخرب لكن خربت القرية بنقل أهلها واستغنوا عنه فإنه يعود إلى ملك الواقف أو ورثته. وقال أبو يوسف: هو مسجد أبدا إلى قيام الساعة لا يعود ميراثا ولا يجوز نقله ونقل ما له إلى مسجد آخر، سواء كانوا يصلون فيه أو لا وهو الفتوى، كذا في الحاوي القدسي. وفي المجتبي: وأكثر المشايخ على قول أبي يوسف، ورجح في فتح القدير قول أبي يوسف بأنه الأوجه قال: وأما الحصر والقناديل فالصحيح من مذهب أبي يوسف أنه لا يعود إلى ملك متخذه بل يحول إلى مسجد آخر أو يبيعه قيم المسجد للمسجد.