البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٤٢٦
والفتوى في ذلك كله على خلاف قولة أبي حنيفة للتعامل المتوارث. هذا وتفارق المقبرة غيرها بأنه لو كان في المقبرة أشجار وقت الوقف كان للورثة أن يقطعوها لأن موضعها لم يدخل في الوقف لأنه مشغول بها كما لو جعل داره مقبرة لا يدخل موضع البناء في الوقف بخلاف غير المقبرة فإن الأشجار والبناء إذا كانت في عقار وقفه دخلت في الوقف تبعا، ولو نبتت فيها بعد الوقف إن علم غارسها كانت للغارس، وإن لم يعلم فالرأي فيها إلى القاضي إن رأى بيعها وصرف ثمنها على عمارة المقبرة فله ذلك ويكون في الحكم كأنه وقف، ولو كانت قبل الوقف لكن الأرض موات ليس لها مالك فاتخذها أهل القرية مقبرة فالأشجار على ما كانت عليه قبل جعلها مقبرة، ولو بنى رجل بيتا في المقبرة لحفظ اللبن ونحوه إن كان في الأرض سعة جاز وإن لم يرض بذلك أهل المقبرة لكن إذا احتيج إلى ذلك المكان يرفع البناء ليقبر فيه.
ومن حفر لنفسه قبرا فلغيره أن يقبر فيه وإن كان في الأرض سعة إلا أن الأولى أن لا يوحشه إن كان فيه سعة كمن بسط سجادة في المسجد أو نزل في الرباط فجاء آخر لا ينبغي أن يوحش الأول إن كان في المكان سعة. وذكر الناطقي أنه يضمن قيمة الحفر ليجمع بين الحقين. ولا يجوز لأهل القرية الانتفاع بالمقبرة الدائرة فلو كان فيها حشيش يحش ويرسل إلى الدواب ولا ترسل الدواب فيها اه‍.
وفي الخانية: امرأة جعلت قطعة أرض مقبرة وأخرجتها من يدها ودفن فيها ابنها وهذه الأرض غير صالحة للقبر لغلبة الماء عليها. قال الفقيه أبو جعفر: إن كانت الأرض بحال يرغب الناس عن دفن الموتى فيها لفسادها لم تصر مقبرة وكان للمرأة أن تبيعها، وإذا باعت كان للمشتري أن يرفع الميت عنها أو يأمر برفع الميت عنها، ولو جعل أرضه مقبرة أو خانا للغلة أو مسكنا سقط الخراج عنه إن كانت خراجية، وقيل لا تسقط والصحيح هو الأول.
ولو بنى رباطا على أن يكون في يده ما دام حيا قال أبو القاسم: يقر في يده ما لم يستوجب الاخراج عن يده. قوم عمروا أرض موات على شط جيحون وكان السلطان يأخذ العشر منهم لأن على قول محمد ماء الجيحون ليس ماء الخراج وبقرب ذلك رباط فقام متولي الرباط إلى السلطان فأطلق السلطان له ذلك العشر هل يكون للمتولي أن يصرف ذلك العشر إلى مؤذن يؤذن في هذا الرباط يستعين بهذا على طعامه وكسوته هل يجوز له ذلك؟ وهل يكون للمؤذن أن يأخذ ذلك العشر الذي أباح السلطان للرباط؟ قال الفقيه أبو جعفر: لو كان المؤذن محتاجا يطيب له ولا ينبغي له أن يصرف ذلك العشر إلى عمارة الرباط وإنما يصرف إلى
(٤٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 ... » »»
الفهرست