يعينه الأصيل للنائب كل شهر في مقابلة عمله هل يستحقه النائب عليه أو لا، والظاهر أنه يستحقه لأنها إجارة وقد وفى العمل بناء على قول المتأخرين المفتى به من جواز الاستئجار على الإمامة والتدريس وتعليم القرآن. وعلى هذا إذا لم يعمل الأصيل وعمل النائب كان الوظيفة شاغرة ولا يجوز للناظر الصرف إلى واحد منهما ويجوز للقاضي عزله، وعمل الناس بالقاهرة على جواز الاستنابات في الوظائف وعدم اعتبارها شاغرة مع وجود النيابة. ثم رأيت في الخلاصة من كتاب القضاء أن الإمام يجوز استخلافه بلا إذن بخلاف القاضي، وعلى هذا لا تكون وظيفته شاغرة وتصح النيابة. ومما يرد على الطرسوسي أن الخصاف صرح بأن للقيم أن يوكل وكيلا يقوم مقامه وله أن يجعل له من معلومه شيئا، وكذا في الاسعاف وهذا كالتصريح بجواز الاستنابة لأن النائب وكيل بالأجرة كما لا يخفى، فالذي تحرر جواز الاستنابة في الوظائف. فإن قلت: هل للناظر قطع معلوم صاحب الوظيفة بقول كاتب الغيبة وحده مع دعوى المستحق حضوره؟ قلت: لم أر فيها نقلا لأصحابنا وإنما ذكره الإمام السبكي في فتاواه أنه لا يجوز القطع بقول كاتب الغيبة وحده، وصرح بأنه لا يحل لكاتب الغيبة أن يكتب عليه حتى يعلم أن غيبته كانت لغير عذر لكن هذا مبني على مذهبه من أن الغيبة لعذر لا توجب الحرمان، وأما على ما قدمناه من عدم الاستحقاق فلا، وسيأتي شئ من أحكام الوظائف في بيان تصرفات الناظر إن شاء الله تعالى. الموضع الثاني في الناظر بالشرط قدمنا أن الولاية للواقف ثابتة مدة حياته وإن لم يشترطها وأن له عزل المتولي، وأن من ولاه لا يكون له النظر بعد موته إلا بالشرط على قول أبي يوسف. ولو نصب الواقف عند موته وصيا ولم يذكر من أمور الوقف شيئا تكون ولاية الوقف إلى الوصي ولو جعله وصيا في أمر الوقف فقط كان
(٣٨٦)