مفهوم عبارة الأصحاب، وهذا كله فيما إذا كان الوقف على ساكني دار المختلفة، أما إذا شرط الواقف في ذلك كله شروطا اتبعت اه. والله أعلم. وبهذا ظهر غلط من يستدل من المدرسين أو الطلبة بما في الفتاوى على استحقاقه المعلوم بلا حضور الدرس لاشتغاله بالعلم في غير تلك المدرسة، فإن الواقف إذا شرط على المدرسين والطلبة حضور الدرس في المدرسة أياما معلومة في كل جمعة فإنه لا يستحق المعلوم إلا من باشر خصوصا إذا قال الواقف إن من غاب عن المدرسة يقطع معلومه فإنه يجب اتباعه، ولا يجوز للناظر الصرف إليه زمن غيبته.
وعلى هذا لو شرط الواقف أن من زادت غيبته على كذا أخرجه الناظر وقرر غيره اتبع شرطه، فلو لم يعزله الناظر وباشر لا يستحق المعلوم. فإن قلت: إذا كان له درس في جامع ولازمه بنية أن يكون عما عليه في مدرسة هل يستحق معلوم المدرسة؟ قلت: لا يستحق إلا إذا باشر في المكان المعين بكتاب الوقف لقوله في شرح المنظومة: أما لو شرط الواقف في ذلك شروطا اتبعت. فإن قلت: قال في القنية: وقف وشرط أن يقرأ عند قبره فالتعيين باطل، وصرحوا في الوصايا بأنه لو أوصى بشئ لمن يقرأ عند قبره فالوصية باطلة، فدل على أن المكان لا يتعين وبه تمسك بعض الحنفية من أهل العصر. قلت: لا يدل لأن صاحب الاختيار علله بأن أخذ شئ للقراءة لا يجوز لأنه كالأجرة فأفاد أنه مبني على غير المفتى به فإن المفتى به جواز الاخذ على القراءة فيتعين المكان. والذي ظهر لي أنه مبني على قول أبي حنيفة بكراهة القراءة عند القبر فلذا يبطل التعيين، والفتوى على قول محمد من عدم كراهة القراءة عنده كما في الخلاصة فيلزم التعيين، وقد سمعت بعض المدرسين من الحنفية يتمسك على عدم تعيين المكان بقولهم: لو نذر الصلاة في الحرم لا يتعين المكان فكذا إذا عينه الواقف وهذه غفلة عظيمة لأن الناذر لو عين فقيرا لا يتعين، والواقف لو عين انسانا للصرف تعين حتى لو صرف الناظر لغيره كان ضامنا فكيف يقاس الوقف على النذر؟ فإن قلت: قد قدمت عن الخلاصة أنه لو وقف مصحفا على المسجد جاز ويقرأ في ذلك المسجد وفي موضع آخر ولا يكون مقصورا على هذا المسجد فهذا يدل على عدم تعيين المكان. قلت: ليس فيه أنه شرط أن يقرأ فيه في ذلك المسجد وإنما أطلق وكلامنا عند الاشتراط. وفي القنية: سبل مصحفا في