إليه حكم قاض أمضاه فإنه أعم كما لا يخفى. الثالث إذا ظهرت خيانته فإن القاضي يعزله وينصب أمينا. قال في آخر أوقاف الخصاف: ما تقول إن طعن عليه في الأمانة فرأى الحاكم أن يدخل معه آخر أو يخرجه من يده ويصيره إلى غيره؟ قال: أما إخراجه فليس ينبغي أن يكون إلا بخيانة ظاهرة مبينة فإذا جاء من ذلك ما يصح واستحق إخراج الوقف من يده قطع عنه ما كان أجرى له الواقف، وأما إذا أدخل معه رجلا في القيام بذلك فالاجر له قائم، فإن رأى الحاكم أن يجعل للرجل الذي أدخل معه شيئا من هذا المال فلا بأس بذلك، وإن كان المال الذي سمى له قليلا ضيقا فرأى الحاكم أن يجعل للرجل الذي أدخله معه رزقا من غلة الوقف فلا بأس بذلك، وينبغي للحاكم أن يقتصد فيما يجريه من ذلك. ثم قال: ما تقول إن كان الحاكم أخرجه من القيام بأمر هذا الوقف وقطع عنه ما كان أجراه له الواقف، ثم جاء حاكم آخر فتقدم إليه هذا الرجل وقال إن الحاكم الذي كان قبلك إنما أخرجني من القيام بأمر هذا الوقف بتحامل من قوم سعوا به إليه ولم يصح على شئ استحق به إخراجي من القيام بأمر هذا الوقف. قال: أمور الحاكم عندنا إنما تجري على الصحة والاستقامة ولا ينبغي للحاكم أن يقبل قول هذا الرجل فيما ادعاه على الحاكم المتقدم، ولكن يقول صحح أنك موضع للقيام بأمر هذا الوقف أردك إلى القيام بذلك، فإن صح عند هذا الحاكم أنه موضع لذلك رده وأجرى ذلك المال له، وكذلك لو أن الحاكم الذي كان أخرجه صح عنده أنه بعد ذلك أناب ورجع عما كان عليه وصار موضعا للقيام به وجب أن يرده إلى ذلك ويرد عليه المال الذي كان الواقف جعله له اه. وقد علمت فيما سبق أنه لو عزله بغير جنحة لا ينعزل.
فإن قلت: كيف يعيد الطالب للتولية بعد عزله إذا أناب ورجع مع قولهم طالب التولية لا يولى؟ قلت: محمول على طلبها ابتداء، وأما طلب العود بعد العزل فلا جمعا بين كلامهم ومن الخيانة امتناعه من العمارة. قال في الخصاف: إذا امتنع من العمارة وله غلة أجبر عليها، فإن فعل فيها وإلا أخرجه من يده. ومن الخيانة المجوزة لعزله أن يبيع الوقف أو بعضه لكن ظاهر