البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٣٧٦
وقعت حوادث الفتوى في مسألة الادخال والاخراج إلى آخره منها: لو قال من له ذلك بعدما أدخل انسانا أسقطت حقي من إخراجه ثم أخرجه هل يخرج؟ ومنها لو قال من له ذلك أسقطت حقي منه هل يسقط وليس له فعل شئ؟ ومنها لو شرط الواقف لنفسه الادخال إلى آخره كلما بدا له وشرط أن يشترطه لمن شاء فشرطه لغيره وشرط له ما شرطه لنفسه فشرطه المشروط له لآخر فأراد من شرطه الواقف له أن يخرج من جعل هذا الشرط له، وأراد المجعول له أن يخرج الجاعل، فهل هو للأول أو للثاني بناء على أن المشروط له ذلك إذا جعله لغيره، هل يبطل ما كان له أو يبقى له ولمن جعله له؟ ومنها أنه لو شرط ذلك له ولفلان فهل لأحدهما الانفراد أو لا؟ ولم أر نقلا صريحا فيها، وظاهر ما في الخانية من الشرب أن الحق يقبل الاسقاط أنه يسقط حقه فإنه صرح بأن حق الغانم قبل القسمة وحق المسيل المجرد وحق الموصى له بالسكنى وحق الموصى له بالثلث قبل القسمة وحق الوارث قبل القسمة يسقط.
وصرح في جامع الفصولين من الفصل الثامن والعشرين: لو قال وارث تركت حقي لا يبطل حقه إذ الملك لا يبطل بالترك والحق يبطل به حتى لو أن أحد الغانمين قال قبل القسمة تركت حقي بطل حقه، وكذا لو قال المرتهن تركت حقي في حبس الرهن يبطل اه‍. فقوله والحق يبطل به يدل على ما ذكرنا. فإن قلت: ذكر في الخانية من كتاب الشهادات من كان فقيرا من أصحاب المدرسة يكون مستحقا للوقف استحقاقا لا يبطل بإبطاله فإنه لو قال أبطلت حقب كان له أن يطلب ويأخذ بعد ذلك اه‍. قلت: بينهما فرق لأن كلامنا فيما إذا كان الحق لمعين أسقطه، وأما ما في الخانية من الشهادات فالحق لغير معين فإنه وقف مطلق على فقراء المدرسة وغير المعين لا يصح إبطاله، وإنما خرج عن هذا الأصل ما إذا لم يكن الحق لمعين ومثله في الهبة. قال في البزازية: لو قال الواهب أسقطت حقي في الرجوع في الهبة لا يسقط اه‍. فإن قلت: إذا قال من له الشرط لا حق لي فيها ولا استحقاق ولا دعوى فهل له ولاية الادخال والاخراج مع شرط الواقف؟ قلت: ليس له ذلك لكونه مقرا بأنه لا حق له وهو مؤاخذ بإقراره ولذا قال الخصاف: لو وقف على ولده فأقر بأنه عليه وعلى زيد عمل بإقراره ما دام حيا حملا على أن الواقف رجع عن اختصاصه وأشرك معه زيدا إلى آخره. وعلى
(٣٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 ... » »»
الفهرست