البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٣٣٠
يقف المقسوم ثانيا، ولو كان الأرض له فوقف نصفها ثم أراد القسمة فالوجه في ذلك أن يبيع ما بقي ثم يقتسمان، وإن لم يبع ورفع إلى القاضي ليأمر إنسانا بالقسمة معه جاز، كذا في الخلاصة أيضا. وفيها: حانوت بين اثنين وقف أحدهما نصيبه وأراد أن يضرب لوح الوقف على بابه فمنعه الشريك الآخر ليس له الضرب إلا إذا أمره القاضي بذلك وهذا قول أبي يوسف، أما على قول محمد فلا يتأتى هذا. وفي الظهيرية: ولو كانت له أرضون ودور بينه وبين آخر فوقف نصيبه ثم أراد أن يقاسم شريكه ويجمع الوقف كله في أرض واحدة ودار واحدة فإنه جائز في قياس قول أبي يوسف وهلال، وإذا قاسم الواقف شريكه وبينهما دراهم فإن كان الواقف هو الذي أعطى الدراهم جاز لأنه في حصة الوقف قاسم شريكه واشترى أيضا ما لم يقف من نصيب شريكه فجاز ذلك كله، ثم حصة الوقف للواقف وما اشتراه بالدراهم فذلك له وليس بوقف اه‍. ولو وقف جميع أرضه ثم استحق جزء منه بطل في الباقي عند محمد لأن الشيوع مقارن كما في الهبة بخلاف ما إذا رجع الواهب في البعض أو رجع الوارث في الثلثين بعد موت المريض وقد وهب أو وقف في مرضه وفي المال ضيق لأن الشيوع في ذلك طار، ولو استحق جزء مميز بعينه لم يبطل في الباقي لعدم الشيوع ولهذا جاز في الابتداء، وعلى هذا الهبة والصدقة المملوكة، كذا في الهداية. ولو كانت الأرض بين رجلين فوقفاها على بعض الوجوه ودفعاها إلى وال يقوم عليها كان ذلك جائزا عند محمد لأن المانع من تمام الصدقة شيوع في المحل المتصدق به ولا شيوع هنا لأن الكل صدقة. غاية الأمر أن ذلك مع كثرة المتصدقين والقبض من الوالي في الكل وجد جملة واحدة فهو كما لو تصدق بها رجل واحد بخلاف ما لو وقف كل منهما نصفها شائعا على حدة وجعل لها واليا على حدة لا يجوز لأنهما صدقتان، ولو وقف كل منهما نصيبه وجعلا الوالي فسلماها إليه جميعا جاز لأن تمامها بالقبض والقبض يجتمع، كذا في فتح القدير. والمشاع غير المقسوم من شاع يشيع شيعا وشيوعا ومشاعا، كذا في القاموس. وأما الثالث وهو أن يجعل آخره لجهة لا تنقطع فهو قولهما. وقال أبو يوسف: إذا سمى فيه جهة تنقطع جاز وصار بعدها للفقراء، ولو لم يسمهم لهما أن موجب الوقف زوال الملك بدون التمليك وأنه يتأبد كالعتق، وإذا كانت الجهة يتوهم انقطاعها لا يتوفر عليه مقتضاه ولهذا كان التوقيت مبطلا له كالتوقيت في البيع. ولأبي يوسف أن المقصود هو التقرب إلى الله تعالى وهو موفر عليه لأن التقرب تارة يكون بالصرف إلى جهة تنقطع ومرة بالصرف إلى جهة تتأبد فصح في الوجهين. وقيل: التأبيد شرط بالاجماع إلا أن عند أبي يوسف لا يشترط ذكر التأبيد لأن لفظة الوقف والصدقة منبئة عنه لما بينا أنه إزالة الملك بدون التمليك كالعتق ولهذا قال في الكتاب في بيان قوله وصار بعدها للفقراء وإن لم يسمهم:
(٣٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 ... » »»
الفهرست