البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٣٣٢
ثم قال: متى ذكر موضع الحاجة على وجه يتأبد يكفيه عن ذكر الصدقة، وكذا على أبناء السبيل أو الزمني ويكون للفقراء منهم. وفي الخلاصة والبزازية قال أبو حنيفة: إذا وقف مالا لبناء القناطر أو لاصلاح الطريق أو لحفر القبور أو لاتخاذ السقايات أو لشراء الأكفان لفقراء المسلمين لا يجوز بخلاف الوقف للمساجد لجريان العادة بالثاني دون الأول. وقف على فقراء مكة أو فقراء قرية معروفة إن كانوا لا يحصون يجوز في الحياة وبعد الممات لأنه مؤبد، وإن كانوا يحصون يجوز بعد الموت لأنه وصية والوصية لقوم يحصون تجوز حتى إذا انقرضوا صار ميراثا منهم، وإن كان في الحياة لا يجوز وقف أرضه على عمارة مصاحف موقوفة لا يصح لأنه لا عرف فيه. وقف على أمهات أولاده وعبيده فالوقف باطل في قول هلال. وفي الفتاوى: وقف على أمهات أولاده إلا من تزوج فلا شئ لها، فإن طلقها زوجها لا يعود حقها الساقط إلا إذا كان الواقف استثنى وقال من طلقت فلها أيضا قسط من الوقف. وذكر الخصاف: قال أرضي هذه صدقة موقوفة لله تعالى على الناس أو على بني آدم أو على أهل بغداد أبدا فإذا انقرضوا فعلى المساكين أو على العميان أو على الزمني فالوقف باطل. وذكر الخصاف في موضع آخر مسألة العميان والزمني وقال: الغلة للمساكين لا لهما. ولو وقف على قراء القرآن والفقراء فالوقف باطل. وذكر هلال الوقف على الزمني المنقطعين صحيح.
وقال المشايخ: الوقف على معلم المسجد الذي يعلم الصبيان غير صحيح. وقيل: يصح لأن الفقر غالب فيهم. قال شمس الأئمة: فعلى هذا إذا وقف على طلبة علم بلدة كذا يجوز لأن الفقر غالب فيهم فكان الاسم منبئا عن الحاجة. والحاصل أنه متى ذكر مصرفا فيه نص على الفقراء والحاجة فالوقف صحيح يحصون أم لا. وقوله يحصون إشارة إلى أن التأبيد ليس بشرط ومتى ذكر مصرفا يستوي فيه الغني والفقير إن كانوا يحصون صح بطريق التمليك، وإن كانوا لا يحصون فهو باطل إلا أن يكون في لفظه ما يدل على الحاجة كاليتامى فحينئذ إن كانوا يحصون فالأغنياء والفقراء سواء، وإن لا يحصون فالوقف صحيح ويصرف إلى فقرائهم لا إلى أغنيائهم، وكذا لو وقف على الزمني فهو على فقرائهم. وفي الفتاوي: لو وقف على
(٣٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 ... » »»
الفهرست