للوقف على الملك أو لا؟ قال في جامع الفصولين: ومتول ذو يد لو برهن على الوقف فبرهن الخارج على الملك يحكم بالملك للخارج فلو برهن المتولي بعده على الوقف لا تسمع لأن المتولي صار مقضيا عليه مع من يدعي تلقي الوقف من جهته. وعند أبي يوسف تقبل بينة ذي اليد على الوقف ولا تقبل بينة الخارج على الملك كمن ادعى قنا وقال ذو اليد هو ملكي وحررته فإنه يقضي ببينة ذي اليد وفاقا وبقولهما يفتى اه. فقد علمت أن المفتى به تقديم الخارج وفيه: ادعى ملكا في دار بيد متول يقول وقفه زيد على مسجد كذا وحكم به للمدعي، فلو ادعى متول آخر على هذا المدعي أنه وقف على مسجد كذا من جهة بكر تقبل إذ المقضي عليه هو زيد الواقف لا مطلق الواقف اه. والحاصل أن القضاء بالوقفية ليس قضاء على الكافة على المعتمد فتسمع الدعوى من غير المقضي عليه، وأما القضاء بالحرية فقضاء على الكافة فلا تسمع الدعوى بعده بالملك لاحد، ولا فرق بين الحرية الأصلية والعارضية بالاعتاق بأن شهدوا بإعتاقه وهو يملكه، صرح به قاضيخان. وأما القضاء بالملك فليس على الكافة بلا شبهة. وفي الفتاوى الصغرى من فصل دعوى النكاح: إذا قضى القاضي لانسان بنكاح امرأة أو بنسب أو بولاء عتاقة ثم ادعاه الآخر لا تسمع اه. فعلى هذا القضاء الذي يكون على الكافة في أربعة أشياء وسيأتي تمامه إن شاء الله تعالى في الدعوى. وفي القنية: دار في يد رجل أقام رجل بينة أنها وقفت عليه وأقام قيم المسجد بينة أنها وقف على المسجد فإن أرخا فهي للسابق منهما وإن لم يؤرخا فهي بينهما نصفان اه. وقد ذكر المصنف رحمه الله للزومه طريقا واحدة وهي القضاء فظاهره أنه لا يلزم لو علقه بموته. قال في الهداية قال في الكتاب: لا يزول ملك الواقف عن الوقف حتى يحكم به الحاكم أو يعلقه بموته، وهذا في حكم الحاكم صحيح لأنه قضاء في فصل مجتهد فيه، أما في تعليقه بالموت فالصحيح أنه لا يزول ملكه إلا أنه تصدق بمنافعه مؤبدا فيصير بمنزلة الوصية بالمنافع مؤبدا فيلزمه اه.
والحاصل أنه إذا علقه بموته كما إذا قال إذا مت فقد وقفت داري على كذا فالصحيح أنه وصية لازمة لكن لم تخرج عن ملكه فلا يتصور التصرف فيه ببيع ونحوه بعد موته لما يلزم من إبطال الوصية، وله أن يرجع قبل موته كسائر الوصايا. وإنما يلزم بعد موته وإنما لم يكن وقفا لما قدمنا من أنه لا يقبل التعليق بالشرط، وكذا إذا قال إذا مت من مرضي هذا فقد وقفت أرضي على كذا فمات لم تصر وقفا وله أن يبيعها قبل الموت بخلاف ما إذا قال إذا مت فاجعلوها وقفا فإنه يجوز لأنه تعليق التوكيل لا تعليق الوقف نفسه، وهذا لأن الوقف بمنزلة تمليك الهبة من الموقوف عليه والتمليكات غير الوصية لا تتعلق بالخطر. ونص محمد في السير الكبير أن الوقف إذا أضيف إلى ما بعد الموت يكون باطلا أيضا عند أبي حنيفة وعلى ما عرفت