البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٢٨٥
التتارخانية معزيا إلى السراجية. وذكر قبله أنها موقوفة عنده وأنه يكره للمسلم أن يشارك الذمي اه‍. يعني شركة عنان. وفي الهداية: وفي كل موضع لم تصح المفاوضة لفقد شرطها ولا يشترط ذلك في العنان كان عنانا لاستجماع شرائط العنان إذ هو قد يكون خاصا وقد يكون عاما اه‍. قال في النهاية: بخلاف المفاوضة فإنها عام لا غير اه‍. وفيه ما علمت سابقا.
قوله: (وما يشتريه كل يقع مشتركا الاطعام أهله وكسوتهم) لأن مقتضى العقد المساواة وكل واحد منهما قائم مقام صاحبه في التصرف فكان شراء أحدهما كشرائهما إلا ما استثناه في الكتاب وهو استحسان لأنه مستثنى عن المفاوضة للضرورة فإن الحاجة الراتبة معلومة الوقوع فلا يمكن إيجابه على صاحبه ولا الصرف من ماله. ولا بد من الشراء فيختص به ضرورة، والقياس أن يكون على الشركة لما بينا. أراد بالمستثنى ما كان من حوائجه فشمل شراء بيت للسكنى أو الاستئجار للسكنى أو للركوب لحاجته كالحج وغيره، وكذا إلا دام والجارية التي يطؤها بإذن الشريك فليس الكل على الشركة لما ذكرنا وإنما استثنى الطعام وما معه من الشركة دون الضمان لأنه وإن لم يكن على الشركة فالآخر كفيل عنه حتى كان لبائع الطعام والكسوة له ولعياله أن يطالب الآخر ويرجع الآخر بما أدى على المشتري. وإنما قيدنا في الجارية بإذن الشريك لأنه لو اشتراها للوطئ أو للخدمة لنفسه بغير إذن شريكه فهي على الشركة كما في المحيط وسنبينه في آخر الباب. وفي المحيط: لو اشتريا بالمالين شيئين صفقتين فلكل واحد منهما على صاحبه نصف رأس ماله دينا عليه لأن كل واحد صار مشتريا النصف لنفسه والنصف لصاحبه بحكم الوكالة ولا يلتقيان قصاصا لأن صفة المالين مختلفة بخلاف ما لو اشتريا بالمالين شيئين صفقة واحدة فإنه لا يرجع واحد منهما على صاحبه بشئ لأن كل واحد منهما لم يصر وكيلا عن صاحبه في ذلك وتمامه فيه قوله: (وكل دين لزم أحدهما بتجارة وغصب وكفالة لزم الآخر) لأنه كفيل فدخلت تحت التجارة ثمن المشتري في البيع الجائز وقيمته في الفاسد، سواء كان مشتركا أو لنفسه، وأجرة ما استأجره، سواء كان استأجره لنفسه أو لحاجة التجارة. والمراد بالغصب ما يشبه ضمان التجارة فيدخل ضمان الاستهلاك والوديعة المجحودة أو المستهلكة، وكذا العارية لأن تقرر الضمان في هذه المواضع يفيد له تملك الأصل فيصير في معنى التجارة، وأما لزوم صاحبه بكفالته فهو قول الإمام.
وقالا: لا يلزمه لأنه تبرع ولهذا لا يصح من الصبي والمجنون والعبد المأذون والمكاتب، ولو صدر من المريض يصح من الثلث وصار كالاقراض والكفالة بالنفس. ولأبي حنيفة أنه تبرع ابتداء ومعاوضة انتهاء لأنه يستوجب الضمان بما يؤدي عن المكفول عنه إذا كانت الكفالة بأمره فبالنظر إلى البقاء تتضمنه المفاوضة، وبالنظر إلى الابتداء لم يصح ممن ذكره وصح من الثلث من المريض بخلاف الكفالة بالنفس لأنه تبرع ابتداء وانتهاء. أما الاقراض فعن أبي حنيفة أنه يلزم صاحبه ولو سلم فهو إعارة فيكون لمثلها حكم عينها لا حكم البدل حتى لا
(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 ... » »»
الفهرست