البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ١٥٠
قوله: (ولو له فرسان) يعني لو كان له فرسان لا يستحق إلا سهمين فلا يسهم إلا لفرس واحدة. وقال أبو يوسف: يسهم لفرسين لما روي أنه عليه السلام أسهم لفرسين ولان الواحد قد يعي فيحتاج إلى الآخر. ولهما أن البراء بن أوس قاد فرسين فلم يسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لفرس، ولان القتال لا يتحقق بفرسين دفعة واحدة فلا يكون السبب الظاهر مفضيا إلى القتال عليهما فيسهم لواحد ولهذا لا يسهم لثلاثة أفراس، وما رواه محمول على التنفيل كما أعطى سلمة ابن الأكوع رضي الله عنه سهمين وهو راجل. وفي النهاية: وهذه المسألة نظير ما بيننا في النكاح أن المرأة لا تستحق النفقة إلا لخادم واحد عند أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: تستحق النفقة لخادمين. قوله: (والبراذين كالعتاق) لأن الارهاب مضاف إلى جنس الخيل في الكتاب قال الله تعالى * (ومن رباط الخيل ترهبون به عدوا لله وعدوكم) * (الأنفال: 60) واسم الخيل ينطلق على البراذين والعراب والهجين والمقرف اطلاقا واحدا، ولان العربي إن كان في الطلب والهرب أقوى فالبرذون أصبر وألين عطفا ففي كل منهما منفعة معتبرة فاستويا. والبرذون التركي من الخيل والجمع البراذين وخلافها العراب والأنثى برذونة، وعتاق الخيل والطير كرائمها، كذا في المغرب. وفي شرح النقاية: العتاق - بكسر العين - كرام الخيل العربية، والبراذين خيل العجم والهجين الذي أبوه عربي وأمه عجمية والمقرف عكسه قوله: (لا الراحلة والبغل) أي لا يكونان كالعتاق فلا يسهم لهما لأن الارهاب لا يقع بهما إذ لا يقاتل عليهما قوله: (والعبرة للفارس والراجل عند المجاوزة) لأن المجاوزة نفسها قتال لأنهم يلحقون الخوف بها والحالة بعدها حالة الدوام ولا معتبر بها، ولان الوقوف على حقيقة القتال متعسر، وكذا على شهود الوقعة لأنه حالة التقاء الصفين فتقام المجاوزة مقامه إذ هو السبب المفضي إليه ظاهرا إذا كان على قصد القتال فيعتبر حال الشخص حالة المجاوزة فارسا أو راجلا، فلو دخل دار الحرب فارسا فنفق فرسه استحق سهم الفرسان، ولو كان بقتل رجل وأخذ القيمة منه فإذا بقي فرسه وقاتل راجلا لضيق المكان يستحقه بالطريق الأولى، وإن دخلها راجلا فاشترى فرسا استحق سهم راجل وهذا إذا هلك فرسه فإن دخلها فارسا ثم باعه أو رهنه أو أجره أو وهبه فإنه لا يستحق سهم الفارس في ظاهر الرواية لأن الاقدام على هذه التصرفات يدل على أنه لم يكن من قصده بالمجاوزة القتال فارسا، وكذا إذا باعه حال القتال على الأصح لدلالته على غرض التجارة إلا إذا باعه أو رهنه أو أجره أو وهبه فإنه لا يستحق سهم الفارس في ظاهر الرواية لأن الاقدام على هذه التصرفات يدل على أنه لم يكن من قصده بالمجاوزة القتال فارسا، وكذا إذا باعه حال القتال على الأصح لدلالته على غرض التجارة إلا إذا باعه مكرها كما في التتارخانية بخلاف ما إذا باعه بعد انقضاء الحرب فإنه يستحق سهم الفارس. وفي الخلاصة: ولو أعاره ففيه روايتان،
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»
الفهرست