البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٩
يوم يقدم زيد وإن قدم في يوم كذا لأن كلا منهما على خطر الوجود، وإن استويا في عدم انعقاد السببية للخطر استويا في الأحكام فيلزم منه عدم جواز التعجيل فيما لو قال علي صدقة يوم يقدم فلان لعدم جواز التقديم على السبب وإن كان بصورة الإضافة مع أن الحكم في المضاف جواز التعجيل قبل الوقت بخلافه في المعلق، ويقتضي أيضا كون إذا جاء غد فأنت حر كإذا مت فأنت حر لأنه لا خطر فيهما فيكون الأول مضافا فيمتنع بيعه قبل الغد كما قبل الموت لانعقاده سببا في الحال كما عرف في التدبير لكنهم يجيزون بيعه قبل الغد، ويفرقون بين أنت حر غدا فلا يجيزون بيعه قبل الغد، وبين إذا جاء غد فأنت حرة فيجيزونه مع أنه لا خطر فيهما. وقد يقال في الفرق بينهما إن الإضافة ليست بشرط حقيقة لعدم كلمة الشرط لكنه في معنى الشرط من حيث إن الحكم يتوقف عليه فمن حيث إنه ليس بشرط لا يتأخر عنه ولا يمنع السببية، ومن حيث إنه في معنى الشرط لا ينزل في الحال فقلنا بأنه ينعقد سببا للحال ويقع مقارنا ويتأخر الحكم عملا بالشبهين. وفي الخانية من أول كتاب الإجارات: رجل قال لغيره أجرتك داري هذه رأس الشهر كل شهر بكذا جاز في قولهم، ولو قال إذا جاء رأس الشهر فقد أجرتك هذه الدار كل شهر بكذا قال الفقيه أبو الليث وأبو بكر الإسكاف: يجوز. وقال أبو القاسم الصفار: لا يجوز لأنه تعليق التمليك فلا يصح كما لو علقها بشرط آخر، ويؤيده ما ذكره في الجامع: رجل حلف أن لا يحلف ثم قال لامرأته إذا جاء غد فأنت طالق كان حانثا في يمينه، وهذا يؤيد قوله. والذي يؤيد قول الفقيه أبي الليث ما ذكر في المنتقى: رجل له خيار الشرط في البيع فقال أبطلت خياري غدا أو قال أبطلت خياري إذا جاء غد كان ذلك جائزا قال: فليس هذا كقوله إن لم أفعل كذا فقد أبطلت خياري فإن ذلك لا يصح لأن هذا وقت يجئ لا محالة. ولو أجر داره كل شهر بكذا ثم قال إذا جاء رأس الشهر فقد أبطلت الإجارة. قال الفقيه أبو بكر: كما يصح تعليق الإجارة بمجئ الشهر يصح تعليق فسخها بمجئ الشهر وغيره من الأوقات، ومسألة المنتفي في تعليق إبطال الخيار تؤيد قوله. قال شمس الأئمة السرخسي قال بعض أصحابنا: إضافة الفسخ إلى الغد وغيره من الأوقات صحيح وتعليق الفسخ بمجئ الشهر وغير ذلك لا يصح والفتوى على قوله اه‍. فقد تحرر عندنا أن المعلق بشرط على خطر ليس كالمضاف اتفاقا وبما ليس فيه خطر فيه اختلاف المشايخ فسوى بينهما الفقيهان في الإجارة، وفرق بينهما الصفار، والافتاء بالفرق بينهما في فسخ الإجارة افتاء بقول الصفار بالفرق في الإجارة، فالفتوى على الفرق في الإجارة وفسخها ومسألة الجامع تؤيده وإنما خرج عن ذلك مسألة المنتفى.
ثم اعلم أن المراد بالصحة في قوله إنما يصح اللزوم فإن التعليق في غير الملك والمضاف إليه صحيح موقوف على إجازة الزوج حتى لو قال أجنبي لزوجة إنسان إن دخلت الدار فأنت طالق توقف على الإجازة فإن أجازه لزم التعليق فتطلق بالدخول بعد الإجازة لا
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»
الفهرست