البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٨
أن هذا تعليق لما يصح تعليقه وهو الطلاق فيلزم كالعتق والوكالة والحاجة داعية إليه لأن نفسه قد تدعوه إلى تزويجها مع عمله بفساد حالها ويخشى غلبتها عليه فيؤيسها بتعليق طلاقها بنكاحها فطاما لها، والحديث محمول على نفي التنجيز وما هو مأثور عن السلف رضي الله عنهم كالشعبي والزهري وجماعة كما رواه ابن أبي شيبة في مصنفة وهو وإن كان ظاهرا لنا لكن لما كانوا في الجاهلية يطلقون قبل التزوج تنجيزا ويعدونه طلاقا إذا وجد النكاح نفاه صاحب الشرع، والخلاف هنا مبني على أن المعلق بالشرط هل هو سبب للحال أولا نفيناه وأثبته؟ وتحقيقه أن اللفظ الذي ثبتت سببيته شرعا لحكم إذا جعل جزاء الشرط هل نسلبه سببيته لذلك الحكم قبل وجود معنى الشرط كأنت طالق وحرة جعل شرعا سببا لزوال الملك فإذا دخل الشرط منع الحكم عنده، وعندنا منع سببيته فتفرعت الخلافية، فعندنا ليس بطلاق قبل وجود الشرط فلم يتناوله الحديث، وعنده طلاق فيتناوله، والأوجه قولنا لأن الحنث هو السبب عقلا لا اليمين، ولان السبب هو المفضي إلى الحكم والتعليق مانع من الافضاء لمنعه من الوصول إلى المحل، والأسباب الشرعية لا تصير أسبابا قبل الوصول إلى المحل فضعف قوله إن السبب هو قوله أنت طالق والشرط لم يعدمه. وإنما آخر الحكم وأورد بأنه يجب أن يلغو كالأجنبية.
وأجيب بأنه لو لم يرج لغا كطالق إن شاء الله، وأما غيره فبعرضية أن يصير سببا فلا يلغى تصحيحا لكلام العاقل أو نقول: لما توقف الحكم على الشرط صار الشرط كجزء سببه ولا يرد علينا البيع المؤجل فإنه سبب قبل حلوله لأن الاجل دخل على الثمن فقط، وكذا لا يرد البيع بشرط الخيار لأن الشرط بعلى لتعليق ما بعده فقط لغة فأتيك على أن تأتيني المعلق إتيان المخاطب فكذا قوله بعتك على أني بالخيار أي في الفسخ، فالمعلق الفسخ لا البيع وهو منجز فتعلق الحكم دفعا للضرر لا لأن المعلق ينعقد سببا للحال. وكذا لا يرد المضاف كقوله أنت طالق غدا فإنه عندنا سبب في الحال لأن التعليق يمين وهو للبر وهو إعدام موجب المعلق فلا يفضي إلى الحكم، أما الإضافة فلثبوت حكم السبب في وقته لا لمنعه فيتحقق السبب بلا مانع إذ الزمان من لوازم الوجود وهو معنى ما فرق به الزيلعي وهو مردود لأنه يرد عليه أن اليمين لا توجب الاعدام مطلقا بل في المنع، أما في الحمل فلا نحو إن بشرتني بقدوم ولدي فأنت حر فإن المقصود إيجاد الشرط لا إعدامه. وفرقوا بينهما أيضا بأن الشرط على خطر الوجود بخلاف المضاف وهو مردود لأنه يقتضي تسوية المضاف والمعلق في نحو
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»
الفهرست