البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٢٠
والأخصر ما ذكره الرضى أنها واجبة في أربعة مواضع: أحدها الجملة الطلبية كالأمر والنهي والاستفهام والتمني والعرض والتحضيض والدعاء. الثاني الجملة الانشائية كنعم وبئس وما تضمن معنى انشاء المدح والذم وكذا عسى وفعل التعجب. والقسم الثالث الجملة الاسمية.
الرابع كل فعلية مصدرة بحرف سوى لا ولم في المضارع سواء كان الفعل المصدر ماضيا أو مضارعا ا ه‍. وظاهره أن الطلبية لا تدخل تحت الانشائية ولذا صرح بعده بما يفيد التغاير فقال: إن الجملة الانشائية متجردة عن الزمان والطلبية متمحضة للاستقبال وتمامه فيه. وفي شرح التوضيح من بحث الصلة الانشائية ما قارن لفظها معناها والطلبية ما تأخر وجود معناها عن وجود لفظها ا ه‍. وهذا كله عند النحاة، وأما في علم المعاني فالطلبية من أقسام الانشائية لأنها ما ليس لها خارج تطابقه أو لا تطابقه، والخبرية ما لها خارج تطابقه أو لا تطابقه. وبما قررناه ظهر أن قول الزيلعي أن مواضعها سبع ونظمها بعضهم فقال:
طلبية واسمية وبجامد وبما وقد ولن وبالتنفيس قاصر عن الاستيفاء وزيادة المحقق عليه في فتح القدير ما ذكره المرادي ليس تحريرا والحق ما أسلفناه عن الرضى. فإذا عرف ذلك تفرع عليه أنه لو لم يأتي بالفاء في موضع وجوبها فإنه يتنجز ك‍ " إن دخلت الدار أنت طالق فإن نوى تعليقه دين، وكذا إن نوى تقديمه. وعن أبي يوسف أنه يتعلق حملا لكلامه على الفائدة فتضمر الفاء. قلت: الخلاف مبني على جواز حذفها اختيارا فأجازه أهل الكوفة وعليه فرع أبو يوسف، ومنعه أهل البصرة وعليه تفرع المذهب، وقد حكى الرضى خلاف الكوفيين كما ذكرناه، فإن قلت: يرد على البصريين قوله تعالى * (وإن أطعتموهم إنكم لمشركون) * [الانعام: 121] قلت: قد أجاب عنه الرضى بأنه بتقدير القسم ويجوز أن يكون قوله تعالى * (وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم) * [الجاثية: 52] مثله أي بتقدير القسم، ويجوز أن تكون إذا لمجرد الوقت من دون ملاحظة الشرط كما لم يلاحظ في قوله تعالى * (والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون) * [الشورى: 93] وقوله تعالى * (وإذا ما غضبوا هم يغفرون) * [الشورى: 73] ا ه‍. ولو أجاب بالواو وفي موضع وجوب الفاء تنجز وإن نوى تعليقه بدين. وفي المعراج: ولو نوى تقديمه قيل يصح وتحمل الواو على الابتداء وفيه ضعف لأن واو الابتداء لا تستعمل في أول الكلام ا ه‍. وظاهر ما في المحيط أنه لو نوى تعليقه لا يدين فإنه قال: ولا تصح نية التعليق
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»
الفهرست