البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٦٦
هذه الإضافة في الكل معرفة لعين ما عقد اليمين على هجره، سواء كانت إضافة ملك كعبده وداره ودابته، أو إضافة نسبه أخرى غير الملك كزوجته وصديقه، فالإضافة مطلقا تفيد النسبة والنسبة أعم من كونها نسبة ملك أو غيره فلا يصح جعل إضافة النسبة تقابل إضافة الملك كما في الهداية وغيرها لأنه لا تقابل بين الأعم والأخص إلا أن يكون مخصوص عرف اصطلاحي. وإذا كانت هذه الإضافة مطلقا للتعريف فبعد ذلك إما أن يقرن به لفظ الإشارة كقوله لا أكلم عبده هذا أو لا، فعلى تقدير عدم الإشارة الظاهر أن الداعي في اليمين كراهته في المضاف إليه وإلا لعرفه باسمه العلم ثم أعقبه بالإضافة إن عرض اشترك مثل لا أكلم راشدا عبد فلان ليزيل الاشتراك العارض في اسم راشد، فلما اقتصر على الإضافة ولم يذكر اسمه ولا أشار إليه كان الظاهر أنه لمعنى في المضاف إليه، وإن احتمل أن يهجر بغضا لذاته أيضا كالزوجة والصديق فلا يصار إليه بالاحتمال، وحينئذ فاليمين منعقدة على هجر المضاف حال قيام الإضافة وقت الفعل بأن كان موجودا وقت اليمين ودامت الإضافة إلى قوت الفعل أو انقطعت ثم وجدت بأن باع وطلق ثم استرد أو لم يكن وقت اليمين فاشترى عبدا فكلمه حنث، وكذا لو لم تكن له زوجة فاستحدث زوجة. والحاصل أنه إذا أضاف ولم يشر لا يحنث بعد الزوال في الكل لانقطاع الإضافة، ويحنث في المتجدد بعد اليمين في الكل لوجودها. وإذا أضاف وأشار فإنه لا يحنث بعد الزوال والتجدد إن كان المضاف لا يقصد بالمعاداة وإلا حنث. ولم يذكر المصنف العبد للاختلاف فالمذهب أنه كالدار لأنه لا يقصد بالمعاداة.
وروى ابن سماعة أنه كالصديق. ووجه الظاهر أنه العبد ساقط الاعتبار عند الأحرار فإنه يباع في الأسواق كالحمار، فالظاهر أنه إن كان منه أذى إنما بقصد هجران سيده بهجرانه، وفي بعض الشروح: لا أتزوج بنت فلان لا يحنث بالبنت التي تولد بعد اليمين بالاجماع وهو مشكل فإنها إضافة نسبية فينبغي أن تنعقد على الموجود حال التزوج فلا جرم أن في التفاريق عن أبي يوسف إن تزوجت بنت فلان أو أمته على الموجود والحادث، كذا في فتخ القدير.
وأطلق المصنف في زوال الملك في المسألة الأولى فشمل ما إذا زالت الملك من المحلوف عليه إلى الحالف كما إذا حلف لا يأكل طعامك هذا فأهداه له فأكله لم يحنث في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وعند محمد يحنث. وكذلك في بقية المسائل لا فرق في الزوال بين أن يكون إلى الحالف أو لا، كذا في الذخيرة. ولو حلف لا يأكل من غلة أرضه فأكل من ثمن الغلة حنث لأنه في العرف يسمى آكلا غلة أرضه، وإن نوى أكل نفس ما يخرج منها صدق ديانة وقضاء لأنه نوى الحقيقة، كذا في الذخيرة أيضا. ولو حلف لا يأكل من كسب فلان فالكسب ما صار له بفعله كأخذ المباحات أو بقبوله في العقود، فأما الميراث فليس بكسبه لأن
(٥٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 561 562 563 564 565 566 567 568 569 570 571 ... » »»
الفهرست