البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤٥٧
فشهادتهما جائزة على أمية الولد لا على ثبات النسب لاختلافهما في الولد. فإن كان الولدان لا يعلم أيهما أكبر فنصف كل واحد منهما بمنزلة أمه يعتق ذلك النصف بعتقها ويسعى كل واحد منهما في نصف قيمته بعد موت المولى، وإن كان أحدهما أكبر من الآخر عتق الأصغر بعتقها ويباع الأكبر ولا يثبت نسب واحد منهما، ومتى لم يعلم أيهما أكبر وأحدهما حادث بعد ثبوت أمية الولد للام وهو مجهول فيشيع ذلك الحكم فيهما نصفان اه‍.
قوله: (ولو أسلمت أم ولد النصراني سعت في قيمتها) لأن النظر من الجانبين في جعلها مكاتبة لأنه يندفع الذل عنها بصيرورتها حرة يدا والضرر عن الذمي لانبعاثها على الكسب نيلا لشرف الحرية فيصل الذمي إلى بدل ملكه، أما لو أعتقت وهي مفلسة تتوانى في الكسب ومالية أمية الولد يعتقدها الذمي متقومة فيترك وما يعتقده، ولأنها إن لم تكن متقومة فهي محترمة وهذا يكفي لوجوب الضمان كما في القصاص المشترك إذا عفا أحد الأولياء يجب المال للباقين. والمراد بقيمتها هنا ثلث قيمتها لو كانت قنة، كذا في غاية البيان. والمراد بالنصراني الكافر. وترك المصنف قيدا وهو أن محل وجوب السعاية عليها فيما إذا عرض الاسلام عليه فأبى، أما إذا أسلم فهي باقية على حالها. ولم يصرح بأنها في حال السعاية مكاتبة وقد قالوا: إنها مكاتبة لكن إذا عجزت لا ترد في الرق. وشرط قاضيخان في الخانية لكونها مكاتبه قضاء القاضي قال: وإذا قضى القاضي عليها بالسعاية كان حالها حال المكاتب ما لم تؤد السعاية. وقال فخر الاسلام: ومعنى المسألة أن القاضي يقدر قيمتها فينجمها عليها. وأشار بكونها أم ولده إلى أنه لو مات قبل السعاية عتقت بلا سعاية كما هو حكم الولد، وإلى أن المدبر النصراني إذا أسلم فحكمه حكم أم الولد يسعى في قيمته وهي نصف قيمته لو كان قنا أو الثلثان على ما مر. وقيد بأم الولد لأن القنة للنصراني إذا أسلمت فإن المولى يؤمر بالبيع، وكذا قنه لأن البيع أوجب الحقوق لأن الكاتب ربما يعجز فيحتاج إلى بيعه فصارت الكتابة بمنزلة البدل عن البيع، ولا يصار إلى البدل ما دام الأصل مقدورا عليه، كذا في غاية البيان. وقيد مسكين الجبر على البيع بعرض الاسلام عليه فيأبى. وفي المحيط: وإذا قضى القاضي عليها بالقيمة ثم ماتت ولها ولد ولدته في السعاية سعى الولد فيما عليها لأن الولد صار مستسعى تبعا لامه كولد المكاتبة لأنها بمنزلة المكاتبة اه‍.
قوله: (ولو ولدت بنكاح فملكها فهي أم ولده) لأن السبب هو الجزئية على ما ذكرنا من قبل والجزئية إنما تثبت بينهما بنسبة الولد الواحد إلى كل منهما كملا وقد ثبت النسب فثبتت الجزئية بهذه الواسطة، وقد كان المانع حين الولادة ملك الغير وقد زال. قيد بالنكاح
(٤٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 452 453 454 455 456 457 458 459 460 461 462 ... » »»
الفهرست