البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤٤٦
بها التدبير كالبيع إذا ورد على الرهن ا ه‍.
قوله: (ويستخدم ويؤجر وتوطأ وتنكح) أي ويستخدم المدبر ويؤجر وكذا المدبرة وتوطأ المدبرة أي يجوز للمولى ذلك ويجوز أن يزوجها جبرا عليها وكذا المدبر كما تقدم في نكاح الرقيق. وإنما جازت هذه التصرفات لأن الملك ثابت فيه وبه تستفاد ولاية هذه التصرفات.
وضابطها كما في الذخيرة أن كل تصرف يقع في الحر فإنه لا يمنع في المدبر والمدبرة لأنه لا يبطل ما انعقد له من السبب. وأفاد المصنف رحمه الله بجواز ذلك أن أكساب المدبر والمدبرة للمولى وكذا أرشهما وكذا مهرها للمولى لأنهما بقيا على حكم ملك المولى، كذا في الذخيرة.
ومن أحكامه أن دينه لا يتعلق برقبته لأنها لا تحتمل البيع ويتعلق بكسبه ويسعى في ديونه بالغة ما بلغت. ومنها أن جنايته على المولى وهو الأقل من قيمته ومن أرش الجناية ولا يضمن المولى أكثر من قيمة واحدة وإن كثرت الجنايات على ما سيأتي إن شاء الله تعالى. وولد المدبرة بمنزلتها كالحرة فيعتق بموت سيد أمه إن كان التدبير مطلقا، أما ولد المدبرة تدبيرا مقيدا فلا يكون مدبرا. ووقع في بعض نسخ الهداية أن ولد المدبر بالتذكير وليس بصحيح لأن التبعية إنما هي للام لا للأب، وتدبير الحمل وحده جائز كعتقه فإن ولدته لأقل من ستة أشهر كان مدبرا وإلا فلا قوله: (وبموته يعتق من ثلثه) أي بموت المولى يعتق المدبر من ثلث مال المولى لما روينا من قوله عليه السلام وهو حر من الثلث ولان التدبير وصية لأنه تبرع مضاف إلى وقت الموت والحكم غير ثابت في الحال فينفذ من الثلث، ولكونه وصية حتى لو قتله المدبر فإنه يسعى في جميع قيمته لأنه لا وصية للقاتل، وأم الولد إذا قتلت مولاها فإنها تعتق ولا شئ عليها إن كان القتل خطأ، كذا في شرح الطحاوي. وذكر قاضيخان في كتاب الحجر أن المحجور عليه يصح تدبيره وبموته سفيها يعتق المدبر ويسعى في قيمته مدبرا، فإن كانت قيمته مدبرا عشرة يسعى في عشرة ا ه‍. مع أنه نقل قبله أن وصية المحجور عليه جائزة من ثلث ماله. وأطلق في الموت فشمل الحكمي بالردة بأن ارتد المولى عن الاسلام. والعياذ بالله تعالى ولحق بدار الحرب لأنها مع اللحاق تجري مجرى الموت، وكذا المستأمن إذا اشترى عبدا في دار الاسلام فدبره ولحق بدار الحرب فاسترق الحربي عتق مدبره، كذا في البدائع. وأطلق في التدبير فشمل ما إذا كان في الصحة أو في المرض لأنه وصية في الحالين ويعتبر من ثلث المال يوم مات المولى كما في الوصايا. وفي المحيط: إن المدبر يعتق في آخر جزء من أجزاء حياة المولى ا ه‍. وهو التحقيق وعليه يحمل كلامهم.
(٤٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 441 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 ... » »»
الفهرست