البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٤٣٥
قبوله بأن قال ثوبا هرويا. الرابعة لو قال إن أديت إلي ألفا أو دابة فحججت بها أو وحججت بها لا يعتق بتسليم الألف إليه ما لم يقبل لأنه علق العتق بشرطين فلا ينزل بوجود أحدهما بخلاف ما لو قال إن أديت إلي ألفا أحج بها فإنه يعتق بتخلية الألف ويكون قوله أحج بها البيان الغرض ترغيبا للعبد في الأداء حيث يصير كسبه مصروفا إلى طاعة الله تعالى لا على سبيل الشرط، كذا في البدائع. ولو قال لعبدين له إن أديتما إلي ألفا فأنتما حران فأدى أحدهما حصته لم يعتق أحدهما لأنه علق العتق بأداء الألف ولم يوجد، وكذا لو أدى أحدهما الألف كله من عنده، وإن أدى أحدهما الألف وقال خمسمائة من عندي وخمسمائة بعث بها صاحبي ليؤديها إليك عتقا لوجود الشرط حصة أحدهما بطريق الأصالة وحصة الآخر بطريق النيابة لأن هذا باب تجري فيه النيابة فقام أداؤه مقام أداء صاحبه. ولو أدى عنهما رجل آخر لم يعتقا إلا إذا قال أؤديها إليك على أنهما حران فقبلها المولى على ذلك عتقا ويرد المال إلى المؤدي لأن المولى لا يستحق المال بعتق عبده قبل الغير بخلاف الطلاق، والفرق في البدائع.
وقدمنا عن المحيط أنه لو أمر غيره بالأداء فأدى لا يعتق مع تصريح صاحب البدائع في مسألة العبدين بأن النيابة تجري في هذا الباب إلا أن يوفق بينهما بأن ما في المحيط إنما هو في الامر من غير إعطاء شئ من العبد، وما في البدائع فيما إذا بعث مع غيره المال فلا إشكال. وفي الهداية: ولو أدى البعض يجبر على القبول إلا أنه لا يعتق ما لم يؤد الكل لعدم الشرط كما إذا حط البعض وأدى الباقي ثم لو أدى ألفا اكتسبها قبل التعليق رجع المولى عليه وعتق لاستحقاقها، ولو كان اكتسبها بعده لم يرجع عليه لأنه مأذون من جهته بالأداء منه ا ه‍. ولم أر صريحا أنه لو حجر على هذا العبد المأذون هل يصح حجره؟ وقد يقال إنه لا يصح حجره لأن الاذن له ضروري لصحة التعليق بالأداء، وقد يقال إنه يصح لما أنه يملك بيعه فيملك حجره بالأولى.
قوله: (وإن قال أنت بعد موتي بألف فالقبول بعد موته) لإضافة الايجاب إلى ما بعد الموت فصار كما إذا قال أنت حر غدا على ألف درهم. وأشار المصنف بتأخير العتق عن الموت إلى أنه لا يعتق بقبوله فلا يعتق إلا بإعتاق الوارث أو الوصي أو القاضي إذا امتنع الوارث لأن العتق تأخر عن الموت إلى أن يقبل، والعتق متى تأخر عن الموت لا يثبت إلا بإعتاق واحد من هؤلاء لأنه صار بمنزلة الوصية بالاعتاق، ذكره الإمام العتابي وجزم به الأسبيجابي وقال: إن الوارث يملك عتقه تنجيزا وتعليقا، والوصي يملكه تنجيزا فقط، ولو أعتقه الوارث عن كفارة يمينه جاز عن الميت لا عن الكفارة، والولاء للميت لا للوارث.
وصرح الصدر الشهيد بأن الأصح أنه لا يعتق بالقبول بل لا بد من إعتاق الوارث. وفي الهداية قالوا: لا يعتق وإن قبل بعد الموت ما لم يعتقه الوارث لأن الميت ليس بأهل للاعتاق
(٤٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 ... » »»
الفهرست