البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٣٥٧
على الأب لكن أفتى بعدم وجوبها لفساد أحوال أكثر طلبة العلم فإن من كان منهم حسن السيرة مشتغلا بالعلوم النافعة يجبر الآباء على الانفاق عليهم وإنما يطالبهم فساق المبتدعة الذين شرهم أكثر من خيرهم يحضرون الدرس ساعة بخلافيات ركيكة ضررها في الدين أكثر من نفعها ثم يشتغلون طول النهار بالسخرية والغيبة والوقوع في الناس مما يستحقون به لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، فيقذف الله البغض في قلوب آبائهم وينزغ عنهم الشفقة فلا يعطون مناهم في الملابس والمطاعم فيطالبونهم بالنفقة ويؤذونهم مع حرمة التأفيف، ولو علموا بسيرتهم السلف لحرموا الانفاق عليهم، ومن كان بخلافهم نادر في هذا الزمان فلا يفرد بالحكم دفعا لخرج التمييز بين المصلح والمفسد. قلت: لكن نرى طلبة العلم بعد الفتنة العامة المشتغلين بالفقه والأدب اللذين هما قواعد الدين وأصول كلام العرب والاشتغال بالكسب يمنعهم عن التحصيل ويؤدي إلى ضياع العلم والتعطيل فكان المختار الآن قول السلف، وهفوات البعض لا تمنع وجوب النفقة كالأولاد والأقارب اه‍.
واختلفوا في حد المعسر الذي يستحق هذه النفقة، فقيل هو الذي تحل له هذه الصدقة، وقيل هو المحتاج. والذي له منزل وخادم هل يستحق النفقة على قريبه الموسر؟ فيه اختلاف الرواية، في رواية لا يستحق حتى لو كانت أختا لا يؤمر الأخ بالانفاق عليها، وكذا لو كانت بنتا وأما في رواية تستحق وهو الصواب، كذا في البدائع، وأطلق المصنف فيمن تجب عليه هذه النفقة فشمل الصغير الغني والصغيرة الغنية فيؤمر الوصي بدفع نفقة قريبهما المحرم بشرطه، كذا في أنفع الوسائل أيضا وقدمناه، وأفاد بقوله بقدر الميراث أنه لو تعدد من تجب عليه النفقة فإنها تقسم عليهم بقدر ميراثهم لأن الله أوجب النفقة باسم الوارث
(٣٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 ... » »»
الفهرست