البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٢٥٦
عنه أي لا توجدوا عقد النكاح وهذا القول هو اختيار أكثر المحققين. وفي الكتاب وجهان:
أحدهما المكتوب والمعنى حتى تبلغ العدة المفروضة آخرها. الثاني أن الكتاب بمعنى الفرض أي حتى يبلغ هذا الكتاب آخره ونهايته وتمامه في التفسير الكبير قوله: (وصح التعريض) وهو لغة خلاف التصريح والفرق بينه وبين الكناية أن التعريض تضمين الكلام دلالة ليس فيها ذكر كقولك ما أقبح البخل تعريض بأنه بخيل، والكناية ذكر الرديف وإرادة المردوف كقولك فلان طويل النجاد وكثير رماد القدير يعني أنه طويل القامة ومضياف، كذا في المغرب. والمراد به هنا أن يذكر شيئا يدل على شئ لم يذكره نحو أن يقول إني أريد أن أتزوج امرأة من أمرها كذا أو من أمرها كذا كما فسره ابن عباس رضي الله عنهما، وما قيل إن منه أن يقول لها إنك لجميلة وإني فيك لراغب وإنك لتعجبيني أو إني لأرجو ا أن أجتمع أنا وإياك وإنك لدينة فهو غير سديد ولا يحل لأحد أن يشافه امرأة أجنبية لا يحل له نكاحها للحال بمثل هذه الكلمات لأن بعضها صريح في الخطبة وبعضها صريح في إظهار الرغبة فلا يجوز شئ من ذلك، كذا في البدائع. وظاهره أن التعريض جائز لكل معتدة وليس كذلك بل لا يجوز إلا للمتوفي عنها زوجها بالاجماع، كذا في المعراج. وأما المطلقة فغير جائز لما فيه من إيراث العداوة بين المطلق والخاطب بخلاف الميت فإن النكاح قد انقطع فلا عداوة من الميت ولا ورثته والأصل في ذلك قوله تعالى * (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكنتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا) * [البقرة: 235] قال الرازي في تفسيره: أراد به المتوفى عنها زوجها بدليل سياق الآية والمعنى لا إثم عليكم فيما ذكرتم لهن من الألفاظ الموهمة لإرادة نكاحهن أو أضمرتم في أنفسكم فلم تنطقوا به تعريضا ولا تصريحا، علم الله أنكم ستذكرونهن فاذكروهن ولكن لا تواعدوهن نكاحا، والاستثناء من لا تواعدوهن وهو منقطع لأن القول المعروف ليس داخلا في السر والاستدراك مما قدرناه وتمامه في التفسير الكبير.
قوله: (ولا تخرج معتدة الطلاق) لقوله تعالى * (لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) * [الطلاق: 1] أي لا تخرجوا المعتدات من المساكن التي كنتم تسكنون فيها قبل الطلاق فإن كانت المساكن عارية فارتجعت من الساكن كان على الأزواج أن يعينوا مساكن أخرى بطريق الشراء أو الكراء، وعلى الزوجات أيضا أن لا يخرجن حقا لله تعالى إلا لضرورة ظاهرة فإن خرجن ليلا أو نهارا كان حراما. وقال ابن عباس رضي الله عنهما:
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»
الفهرست