البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٢٥٤
لبس المعصفر والمزعفر إذا لم تجد غيره لوجوب ستر العورة. وذكر الدهن بعد الطيب ليفيد حرمته وإن لم يكن مطيبا كالزيت الخالص منه والشيرج والسمن. وفي المجتبى: ولو اعتادت الدهن فخافت وجعا فإن كان أمرا ظاهرا يباح لها ا ه‍. ويستثنى من المعصفر والمزعفر الخلق الذي لا رائحة له فإنه جائز كما في الهداية. وقيد بإسلامها مع بلوغها لأنه لا حداد على كافرة ولا صغيرة وقدمنا معنى وجوب العدة عليهما. ولم يقيد بالعقل مع أنه لا حداد على مجنونة للاكتفاء بما يخرج الصغيرة لأن عدمه عليها ليس إلا لعدم تكليفها والمجنونة مثلها في ذلك ولهذا قال الأسبيجابي رحمه الله تعالى: الأصل أن كل معتدة مخاطبة فارقت فراش زوج حلال يجب عليها الاحداد وإلا فلا ا ه‍. ولم يقيد بالحرية لوجوبه على الأمة المنكوحة لكونها مكلفة بحقوق الشرع ما لم يفت به حق العبد ولهذا لا يحرم عليها الخروج إلا إذا كانت في بيت الزوج وقت الطلاق ولم يخرجها المولى ويحل إن أخرجها. والمدبرة والمكاتبة والمستسعاة كالقنة، ولو أسلمت الكافرة في العدة لزمها الاحداد فيما بقي من العدة، كذا في الجوهرة.
وينبغي كذلك لو بلغت الصغيرة أو أفاقت المجنونة إذ لا فرق، واقتصاره على ترك ما ذكر يفيد جواز دخول الحمام لها. ونقل في المعراج أن عندهم لها أن تدخل الحمام وتغتسل رأسها بالخطمي والسدر، وفيه أن الحداد حق الشرع حتى لو أمرها الزوج بتركه لم يحل لها.
قوله: (لا معتدة العتق والنكاح الفاسد) أي لا حداد على أم الولد إذا أعتقت بإعتاق سيدها أو موته، ولا على المعتدة من نكاح فاسد وهو مفهوم من اقتصاره على البت والموت.
وفي الخانية: لو تزوج أمة وملكها بعد الدخول وقد ولدت منه فسد النكاح بينهما ولا حداد عليها، ولا يجوز لغيره أن يتزوجها حتى تحيض حيضتين، فإن أعتقها كان عليها عدتان: عدة فساد النكاح وفيها الحداد وعدة العتق ولا حداد فيها فتحد في حيضتين دون الثالثة، ولو أعتقها بعد حيضتين كان عليها أن تعتد بثلاث ا ه‍. وبهذا ظهر أن النكاح إذا فسد بعد صحته يوجب الحداد بخلاف ما إذا كان فاسدا من أصله لأنه إنما وجب اظهارا للتأسف على فوات نعمة النكاح وسببه النكاح الصحيح فلا يتأسف على الفاسد، واستفيد عدم وجوبه على المعتدة من وطئ بشبهة بالأولى كما في المعراج. فالحاصل لا إحداد على كافرة ولا صغيرة ولا مجنونة ولا معتدة عن عتق ولا معتدة عن نكاح فاسد ولا على معتدة عن وطئ بشبهة ولا معتدة عن طلاق رجعي، فهن سبع لا حداد عليهن. فإن قلت: إن العلة لوجوبه أعني إظهار التأسف
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»
الفهرست