البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٢٥٥
على فوات نعمة النكاح وإن فاتت في مسألتي الكتاب بقيت أخرى أعني عدم اظهار الرغبة فيما هو ممنوع فيها وهذه الأشياء للرغبة. أجيب بأن هذه حكمة فلا تطرد وتلك علة يزول الحكم بزوالها كما في المعراج قوله: (ولا تخطب معتدة) أي تحرم خطبتها وهي بكسر الخاء مصدر بمنزلة الخطب مثل قولك إنه لحسن القعدة والجلسة تريد القعود والجلوس. وفي اشتقاقه وجهان: الأول أن الخطب هو الامر والشأن يقال ما خطبك أي ما شأنك فقولهم خطب فلان فلانة أي سألها أمرا وشأنا في نفسها. والثاني أن أصل الخطبة من الخطاب الذي هو الكلام، يقال خطب المرأة خطبة لأنه خاطب في عقد النكاح، وخطب خطبة أي خاطب بالزجر والوعظ، والخطب الامر العظيم لأنه يحتاج فيه إلى خطاب كثير، كذا ذكر الإمام الرازي . أطلقها فشمل المعتدة عن طلاق بنوعية وعن وفاة وعن عتق وعن غير ذلك ولم أره صريحا، وعلم منه حرمة خطبة المنكوحة بالأولى وتحرم تصريحا وتعريضا كما في البدائع.
وقيد بالمعتدة لأن الخالية عن نكاح وعدة تحل خطبتها تصريحا وتعريضا لجواز نكاحها لكن بشرط أن لا يخطبها غيره قبله فإن خطبها فعلى ثلاثة أوجه: إما أن تصرح بالرضا فتحرم، أو بالرد فتحل، أو تسكت فقولان للعلماء ولم أر هذا التفصيل لأصحابنا وأصله الحديث الصحيح لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه (1) وقيدوه بأن لا يأذن له. واستفيد من حرمة خطبة المعتدة حرمة نكاحها على غير المطلق بالأولى وهو ظاهر ولكن جعلوا دليله قوله تعالى * (ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله) * [البقرة: 235] ووجهه أن المراد لا تعقدوا، وعبر عنه بالعزم لأنه سببه مبالغة في المنع عنه، وقيل هو باق على حقيقته والمراد به الايجاب، يقال عزمت عليك أي أوجبت عليك والايجاب سبب للوجود ظاهرا فكان مجازا
(٢٥٥)
مفاتيح البحث: العتق (1)، الوفاة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست