البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ١٥٨
التأبيد) أراد بالمنكوحة ما يصح إضافة الطلاق إليه من الزوجة وهو أن يشبهها أو عضوا منها يعبر به عنها أو جزء شائعا منها لما سيأتي. وأراد بالمشبه به عضوا يحرم إليه النظر من عضو محرمة عليه على التأبيد لما سنذكره أيضا. وأراد بالزوج المسلم لاظهار للذمي عندنا. وأطلقه فشمل السكران والمكره والأخرس بإشارته كما في التتارخانية. وقيد بالمنكوحة احترازا عن الأمة والأجنبية على ما سيصرح به، ولم يقيدها بشئ ليشمل المدخولة وغيرها الكبيرة والصغيرة الرتقاء وغيرها العاقلة والمجنونة والمسلمة والكتابية. وقيد بالتأبيد لأنه لو شبهها بأخت امرأته لا يكون مظاهرا لأن حرمتها موقتة بكون امرأته في عصمته وكذا المطلقة ثلاثا.
وأطلق الحرمة فشمل الحرمة نسبا وصهرية ورضاعا، وأراد بالتأبيد تأبيد الحرمة باعتبار وصف لا يمكن زواله لا باعتبار وصف يمكن زواله فإن المجوسية محرمة على التأبيد، ولو قال كظهر مجوسية لا يكون ظهارا - ذكره في جوامع الفقه - لأن التأبيد باعتبار دوام الوصف وهو غير لازم لجواز إسلامها بخلاف الأمية والأختية وغيرهما، كذا في فتح القدير. والتحقيق أن حرمة المجوسية ليست بمؤبدة بل هي موقتة بإسلامها أو بصيرورتها كتابية فلا حاجة إلى ما ذكره كما لا يخفى ولذا علل في المحيط بأنها ليست بمحرمة على التأبيد وضم إلى المجوسية المرتدة. وشمل كلامه التشبيه الصريح والضمني فدخل ما لو ظاهر من امرأته ثم قال للأخرى أنت علي مثل هذه ينوي الظاهر فإنه يكون مظاهرا ولو بعد موتها وبعد التكفير باعتبار تضمن قوله لها أنت علي كظهر أمي فالتشبيه فيها باعتبار خصوص وجه الشبه المراد لا باعتبار نفس التشبيه بها، وكذا لو كانت امرأة رجل آخر ظاهر زوجها منها فقال أنت علي مثل فلانة ينوي ذلك صح ولو كان بعد موتها، وكذا لو ظاهر من امرأته ثم قال لاخرى أشركتك في ظهارها.
فالحاصل أن حقيقة الظهار الشرعي تشبيه الزوجة أو جزء شائع منها أو ما يعبر به عن الكل بما لا يحل النظر إليه من المحرمة على التأبيد كذا قالوا، ولو قالوا من محرم دون محرمة صفة لشخص المتناول للذكر والأنثى لكان أولى لأنه لو قال أنت علي كفرج أبي أو قريبي كان
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست