البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ١٥٥
الأصل في خلع الأب على صداقها قبل الدخول بها أن الخلع جائز ولها نصف الصداق ويضمن الأب للزوج نصف الصداق. قالوا: كيف صح الخلع على صداقها وهو ملكها ولا ولاية له في إبطال ملكها؟ وكيف يصح ضمان الصداق للزوج وهو عليه؟ ولأي معنى يضمن الأب نصف الصداق للزوج وقد ضمن الزوج ذلك لها؟ أجابوا عن ذلك بأن الخلع لما أضيف إلى مهرها وذلك ملكها كان مضافا إلى مالها والإضافة إلى مال الغير بأن خالع على عبد إنسان يصح كإضافة الشراء إلى مال غيره، فلما صح إضافة الشراء فلان يصح الخلع وهو أقرب إلى الجواز أولى، لكن في باب الشراء يجب تسليم البدل على العاقد وفي الخلع لا يجب إلا بضمان لرجوع الحقوق إلى من يقع له العقد غير أنه إذا ضمن رجع إليه الحقوق بالضمان فإذا خلع وضمن صح وضمن البدل ووقع الطلاق بقبوله ووجب نصف المهر وسقط النصف ويجب للزوج على الأب نصفه بضمانه تسليم كل المهر إلى الزوج، وإن كانت مدخولة فلها جميع المهر عليه والأب يضمن للزوج لأنه ضمن تسليم الكل فلم يقدر فيضمن مثله ا ه‍.
ولا فرق في حكم ضمانه بين الصغيرة والكبيرة التي لم تأذن له ولكن إذا أجازته وقع وبرئ من الصداق واعتبر هذا الخلع معاوضة بين الزوج والمخالع وطلاقا بلا بدل في حقها، فإذا بلغ الخبر إليها فأجازت نفذ عليها وبرئ الزوج، وإن لم تجز رجعت عليه بمهرها والزوج يرجع على الأب بحكم الضمان. وتقدير هذا الخلع كان المخالع قال له إذا بلغها الخبر وأجازت كان البدل عليها، وإن لم تجزه فالبدل علي وما يجب على الأب من الضمان إنما يجب بالعقد لا بحكم الكفالة، كذا في البزازية: ولذا قال في فتح القدير: المراد بالضمان هنا التزام المال لأن اشتراط بدل الخلع على الأجنبي صحيح بخلاف بدل العتق لا يجوز اشتراطه على الأجنبي لأنه يحصل به للعبد ما لم يكن حاصلا له وهو إثبات الأهلية وهو القوة عن ذلك الاسقاط بخلاف إسقاط الملك في الخلع لا يحصل عنه للمرأة ما لم يكن حاصلا قبله فصار الأب والأجنبي مثلها فإنه لم يحصل له شئ بخلاف العبد فإنه حصل له ما ذكرنا، والعوض
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست