البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ١٠٤
الطلاق بأن يدعوها إلى الفراش فيحنث، ثم يقربها بعد ذلك من غير أن يحنث بالقربان. ولو قال لامرأته إن اغتسلت من جنابتي ما دمت امرأتي فأنت طالق ثلاثا وأعاد هذا القول وكانت المرأة حاملا ولم يقربها بعد المقالة حتى وضعت حملها بعد أربعة أشهر فصاعدا فإنها تبين بواحدة عند انقضاء أربعة أشهر لأنه كان موليا وتنقضي عدتها بوضع الحمل، فإن تزوجها بعد ذلك لا يكون موليا لو قربها لا يحنث لأن اليمين كانت موقتة إلى بقاء النكاح وبعدما وقعت تطليقة بالايلاء لا يقع عليها طلاق آخر وإن مضت أربعة أشهر أخرى قبل وضع الحمل لأن المبانة بالايلاء لا يقع عليها طلاق آخر بحكم ذلك الايلاء وإن كانت في العدة ما لم تتزوج وتمامه في الخانية. وعلم أن القربان مصدر قرب يقرب من باب فعل بكسر العين في الماضي وفتحها في المضارع وله مصدران: القربان والقرب بمعنى الدنو، كذا في ضياء الحلوم.
قوله: (فإن وطئ في المدة كفر) بتشديد الفاء أي لزمته الكفارة إذا كانت يمينه بالله تعالى وبه قالت الأئمة الثلاثة. ووعد المغفرة بسبب الفئ الذي هو مثل التوبة لا ينافي الزام الكفارة لأنه حكم دنيوي وذاك أخروي. قيد بالوطئ لأنه لو كفر قبله لا يكون كفارة، كذا ذكر الأسبيجابي. وأطلق في الوطئ فشمل ما إذا جن بعد الايلاء ثم وطئها انحلت وسقط الايلاء، كذا في فتح القدير قوله: (وسقط الايلاء) بإجماع الفقهاء حتى لو مضت أربعة أشهر لا يقع طلاق لانحلال اليمين بالحنث وسواء حلف على أربعة أشهر أو أطلق أو على الأبد قوله: (وإلا بانت) أي إن لم يطأ في المدة وهي أربعة أشهر وقعت عليه طلقة بائنة لأنه قد وقع التخلص من الظلم ولا يكون بالرجعي لأنه بسبيل من أن يردها إلى عصمته ويعبد الايلاء فتعين البائن لتملك نفسها وتزول سلطنته عنها جزاء لظلمه وهو مروي عن عثمان بن عفان وزيد بن ثابت وعلي وابن مسعود وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم وتمامه في فتح القدير. وذكر الأسبيجابي أن العدة من وقت البينونة وبه فارق الطلاق الرجعي فإنه وإن أوجب بينونة في ثاني الحال كالايلاء لكن العدة فيه من وقت الطلاق لا البينونة. وفي المبسوط: وإذا ادعى أنه قد جامعها فإن ادعى في الأربعة الأشهر فالقول قوله، وإن ادعى ذلك بعد مضي المدة لم يقبل قوله بناء على الأصل المعروف أنه متى أقر بما يملك انشاءه لا يكون متهما، فلو أقام بينة على مقالته في الأربعة الأشهر أنه قد جامعها فهي امرأته لأنه الثابت بإقراره كالثابت بالمعاينة وهي من أعجب المسائل أنه لا يقبل إقراره بعد مضي المدة ويتمكن من إثباته بالبينة ا ه‍.
قوله: (وسقط اليمين لو حلف على أربعة أشهر) لأنها موقتة بوقت فلا تبقى بعد مضيه قوله: (وبقيت لو على الأبد) أي بقيت اليمين لو كان حلف على الأبد سواء صرح به أو أطلق
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست