البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٩٣
بالاطلاق الولوالجي في فتاواه قوله: (ولا يسافر بها) يعني يحرم عليه السفر بها لقوله تعالى * (ولا تخرجوهن من بيوتهن) * [الطلاق: 1] ولحرمته لم يكن رجعة لأن الرجعة مندوبة والمسافرة بها حرام، ومراده إذا كان يصرح بعدم رجعتها، أما إذا سكت كانت رجعة دلالة كما أشار إليه في فتح القدير وشرح الجامع الصغير للقاضي وفتاويه والبدائع وغاية البيان معللين بأن السفر دلالة الرجعة فانتفى به ما ذكره الشارح من أن السفر ليس دلالة الرجعة وأورد أن التقبيل بشهوة يكون رجعة وإن نادى على نفسه بعدم الرجعة وجوابه الفرق بالحل والحرمة كما نقلنا، كذا في فتح القدير. وأجاب الشمني بأن التقبيل رجعة حقيقة لا دلالة بخلاف السفر فإنه رجعة دلالة لأنه يستلزم شيئا تثبت به الرجعة. قيد بالسفر أي بإنشائه لأنه لو طلقها في السفر لها أن تمشي معه، ذكره الأسبيجابي. ومراده من المسافرة بها إخراجها من بيتها لا السفر الشرعي المقدر بثلاثة أيام لأنه يحرم إخراجها إلى ما دونه أيضا للنهي المطلق لكن لا يكون رجعة دلالة. واعلم أن في الهداية ما يدل على أن حرمة المسافرة بها مقيدة بما إذا لم يراجعها في عدتها لأنه تبين أن المبطل للعصمة عمل عمله من وقت الطلاق حتى احتسبت الأقراء الماضية من العدة فكانت المسافرة بأجنبية، أما إذا راجعها في عدتها تبين أنه لم يعمل عمله فزالت الحرمة قوله: (والطلاق الرجعي لا يحرم الوطئ) لما قدمناه من الآيات والمعنى أول الباب فلا يلزم به عقر، والشافعي لما حرمه أوجب له العقر. وفي المعراج معزيا إلى الروضة للشافعية: لو وطئها فلا حد عليه، وإن كان عالما بالتحريم وفيه وجه ضعيف لا يجب التعزير إن كان جاهلا أو يعتقد إباحته وإلا فيجب، ولو وطئها ولم يراجعها يجب مهر المثل، ولو راجعها فالنص وجوب مهر المثل. وفي الروضة أيضا قال الشافعي: إنها زوجته في خمس مواضع من كتاب الله: في آية الميراث والايلاء والظهار واللعان والطلاق وعدة الوفاة وكذا في عدم اشتراط الولي في الرجعة وعدم اشتراط لفظة النكاح والتزويج ورضاها عند الكل ا ه‍. وأشار إلى أن الخلوة بها لا تحرم لكنها مكروهة كراهة تنزيهية إن لم يكن من قصده المراجعة وإلا فلا، وكذا القسم لأنه لو ثبت لها القسم فخلا بها فربما أدى إلى المساس بشهوة فيصير مراجعا وهو لا يريدها فيطلقها فتطول العدة عليها حتى لو كان من قصده المراجعة كان لها القسم، كذا في البدائع والله سبحانه وتعالى أعلم.
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»
الفهرست