البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ١١٥
قوله: (وكذب إن نوى الكذب) لأنه نوى حقيقة كلامه إذ حقيقته وصفها بالحرمة وهي موصوفة بالحل فكان كذبا وأورد لو كان حقيقة كلامه لانصرف إليه بلا نية لكنكم تقولون عند عدم النية ينصرف إلى اليمين. والجواب أن هذه حقيقة أولى فلا تنال إلا بالنية واليمين الحقيقة الثانية بواسطة الاشتهار، وقيل لا يصدق قضاء. وقال شمس الأئمة السرخسي: بل فيما بينه وبين الله تعالى لكونه يمينا ظاهرا لأن تحريم الحلال يمين بالنص فلا يصدق قضاء في نيته خلاف الظاهر وهذا هو الصواب على ما عليه العمل والفتوى كما سنذكره. والأول قول الحلواني وهو ظاهر الرواية ولكن الفتوى على العرف الحادث كذا في فتح القدير وفيه نظر، لأن العمل والفتوى إنما هو في انصرافه إلى الطلاق من غير نية لا في كونه يمينا. وفي المصباح: الكذب بفتح الكاف وكسر الذال وبكسر الكاف وسكون الذال هو الاخبار عن الشئ بخلاف ما هو سواء فيه العمد والخطأ ولا واسطة بين الصدق والكذب على مذهب أهل السنة والاثم يتبع العمد اه‍ قوله: (وبائنة إن نوى الطلاق) سواء نوى واحدة أو ثنتين قوله: (وثلاث إن نواه) أي الثلاث لأن الحرام من الكنايات وهذا حكمها وقدمنا أن النية شرط في الحالة المطلقة أي الخالية عن الغضب والمذاكرة، وأما مع أحدهما فليست شرطا للوقوع قضاء. وشمل قوله وبائنة إن نوى الطلاق ما إذا طلقها واحدة ثم قال لها أنت علي حرام ناويا ثنتين فإنه وإن تم به الثلاث لم يقع بالحرام إلا واحدة. وقوله في فتح القدير لم يقع شئ سبق قلم وعبارة غيره: لم تصح نيته بخلاف ما إذا نوى الثلاث به فإنه يصح ويقع ثنتان تكملة للثلاث كما في الخانية وقدمناه. وفي البزازية: أنت علي حرام ألف مرة يقع واحدة وفي كل موضع تشترط النية ينظر المفتي إلى سؤال السائل إن قال قلت كذا هل يقع يقول نعم إن نويت وإن قال كم يقع يقول واحدة ولا يتعرض لاشتراط النية لأن كم عبارة عن عدد الواقع وذلك يقتضي أصل الواقع وهذا حسن اه‍. ثم قال فيها: قال لها مرتين أنت علي حرام ونوى بالأول الطلاق وبالثاني اليمين فعلى ما نوى. قال لامرأتيه أنتما علي حرام ونوى الثلاث في إحداهما والواحدة في الأخرى صحت نيته عند الإمام وعليه الفتوى. ولو قال نويت الطلاق في إحداهما واليمين في الأخرى عند الثاني يقع الطلاق
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»
الفهرست