البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ١٠
الناسي والعامد والجاهل سواء. وذكر الحلبي في مناسكه أني لم أرهم تعرضوا بماذا تعتبر الغلبة وظهر لي أنه إن وجد في المخالط رائحة الطيب كما قبل الخلط وحس الذوق السليم بطعمه فيه حسا ظاهرا فهو غالب وإلا فهو مغلوب لأن المناط كثرة الاجزاء. ثم قال: لم أرهم تعرضوا في هذه المسألة في التفصيل أيضا بين القليل والكثير كما في مسألة أكل الطيب وحده وأنه بإثباته فيها أيضا لجدير. ويقال: إن كان الطيب غالبا وأكل منه أو شرب كثيرا فعليه الكفارة وإلا فصدقة، وإن كان مغلوبا وأكل منه أو شرب كثيرا فصدقة وإلا فلا شئ عليه. ولعل الكثير ما يعده العارف العدل الذي لا يشوبه شره ونحوه كثيرا والقليل ما عداه ثم قال: ولا شئ في أكل ما يتخذ من الحلواء المبخرة بالعود ونحوه، وإنما يكره إذا كانت رائحته توجد منه بخلاف الحلواء المسمى بالقاووت المضاف إلى أجزائها الماورد والمسك، فإن في أكل الكثير دما والقليل صدقة والله سبحانه وتعالى أعلم بحقائق الأحوال.
قوله: (أو لبس مخيطا أو غطى رأسه يوما وإلا تصدق) معطوف على طيب بيان للثاني والثالث من النوع الأول، وجمع بينهما لأن الحكم فيهما واحد من حيث التقدير بالزمان، فإن قوله يوما راجع إلى اللبس والتغطية، وكذا قوله وإلا تصدق أي وإن كان لبس المخيط وتغطية الرأس أقل من يوم لزمه صدقة لما علم أن كمال العقوبة بكمال الجناية وهو بكمال الارتفاق وهو بالدوام لأن المقصود من كل منهما دفع الحر والبرد واليوم يشتمل عليهما
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»
الفهرست