البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٥٥
المتعة والقران والأضحية، وإنما يراد به غير ما ذكرنا مجازا بقرينة التقييد كما قدمناه. وأفاد بقوله ذبحه إلى أن المراد التقرب إلى الله تعالى بالإراقة، فلهذا لو سرق بعد الذبح أجزأه، ولو تصدق بالهدي حيا لا يجزئه. وأما التصدق بلحم القربان فواجب عند الامكان، فلو أتلفه بعد الذبح ضمنه فيتصدق بقيمته ولا ينعدم الاجزاء به. وكذا لو أكل بعضه فإنه يغرم قيمة ما أكل. ويجوز أن يتصدق بجميع اللحم على مسكين واحد، وكذا ما يغرمه من قيمة أكله. وأطلق في الطعام والصوم فدل على أنهما يجوزان في الحل والحرم ومتفرقا ومتتابعا لاطلاق النص فيهما.
وأشار بقوله كالفطرة إلى أنه يطعم كل مسكين نصف صاع من بر أو صاعا من تمر أو شعير، وليس له أن يطعم واحدا أقل منه، وله أن يطعم أكثر تبرعا حتى لا يحتسب الزيادة من القيمة كيلا ينتقص عدد المساكين. هكذا ذكره ههنا وقد حققنا في باب صدقة الفطر أنه يجوز أن يفرق نصف الصاع على مساكين على المذهب وأن القائل بالمنع الكرخي فينبغي أن يكون كذلك هنا خصوصا، والنص هنا مطلق فيجري على إطلاقه لكن لا يجوز أن يعطي لمسكين واحد كالفطرة لأن العدد منصوص عليه، وإلى أنه يجوز التصدق على الذمي كالمسلم كما هو الحكم في المشبه به والمسلم أحب، وإلى أنه لا يجوز أن يتصدق بجزاء الصيد على أصله وإن علا، وفرعه وإن سفل، وزوجته وزوجها كما هو الحكم في كل صدقة واجبة كما أسلفناه في باب المصرف. وصرحوا هنا بأنه لا يجوز التصدق بشئ من جزاء الصيد على من لا تقبل شهادته له، وما ذكرناه أولى لكن يرد على المصنف أن الإباحة تكفي في جزاء الصيد في الاطعام كالتمليك كما صرح به الإمام الأسبيجابي، ولا يكفي في الفطرة. وأشار أيضا بقوله كالفطرة إلى أن دفع القيمة جائز فيدفع لكل مسكين قيمة نصف صاع من بر، ولا
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»
الفهرست