البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٥٧
وجب كمال القيمة، فإن غاب ولم يعلم موته ولا حياته فالقياس أن يضمن النقصان للشك في سبب الكمال كالصيد المملوك إذا جرحه وغاب، والاستحسان أن يلزمه جميع القيمة احتياطا كمن أخذ صيدا من الحرم ثم أرسله ولا يدري أدخل الحرم أم لا فإنه تجب قيمته لأن جزاء الصيد يسلك به مسلك العبادة من وجه. كذا في المحيط. وأطلق في ضمانه النقصان بسبب الجرح فشمل ما إذا برئ منه فإنه لا يسقط الجزاء ببرئه لأن الجزاء يجب بإتلاف جزء من الصيد، وبالاندمال لا يتبين أن الاتلاف لم يكن بخلاف ما إذا جرح آدميا فاندملت جراحته فلم يبق لها أثر أنه لا ضمان عليه لأن الضمان هناك إنما يجب لأجل الشين وقد ارتفع. كذا في البدائع، وفي المحيط خلافه فإنه قال: وإن برئ منه ولم يبق له أثر لا يضمن لأن سبب الضمان قد زال فيزول الضمان كما في الصيد المملوك ا ه‍. والظاهر الأول لما تقدم من الفرق بين جزاء الصيد والصيد المملوك في مسألة ما إذا غاب بعد الجرح، وعلى هذا لو قلع سن ظبي أو نتف ريش صيد فنبت أو ضرب عين صيد فابيضت ثم ذهب البياض فلا شئ عليه عند أبي حنيفة، وعند أبي يوسف عليه صدقة الألم. وأشار بكون الجراحة جناية مستقلة إلى أنه لو جرح صيدا فكفر ثم قتله كفر أخرى لأنهما جنايتان، وإلى أنه لو لم يكفر حتى قتله لزمه كفارة بالقتل ونقصان بالجراحة كما في المحيط. وفي الولوالجية: لو جرح صيدا ثم كفر عنه ثم مات أجزأته الكفارة التي أداها لأنه أدى بعد وجود سبب الوجوب.
وفي المحيط معزيا إلى الجامع: محرم بعمرة جرح صيدا جرحا لا يستهلكه ثم أضاف إليها حجة ثم جرحه أيضا فمات من الكل فعليه للعمرة قيمته صحيحا وقيمته للحج وبه الجرح الأول، ولو حل من العمرة ثم أحرم بالحجة ثم جرحه الثانية فعليه للعمرة قيمته وبه الجرح
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست