مسلم من حديث أبي قتادة هل أعنتم، ولا شك أن إعارة السكين إعانة عليه. ثم اعلم أن هذا الجزاء كفارة وبدل عندنا، أما كونه كفارة فلوجود سببها وهو الجناية على الاحرام بارتكاب محظور إحرامه ولهذا قال * (أو كفارة طعام مساكين) * (المائدة: 95) وأما كونه بدلا فلوجود سببه وهو إتلاف صيد متقوم ولهذا اعتبرت المماثلة بين المقتول والجزاء، ولهذا ذكر المصنف آخر الباب أنه لو اجتمع محرمان في قتل صيد تعدد الجزاء لأن الواجب كفارة في حق الجاني وجب جزاء على فعله وفعل كل واحد جناية على حدة بخلاف الحلالين كما سيأتي. ثم اعلم أيضا أن الجزاء بتعدد المقتول إلا إذا قصد به التحلل ورفض إحرامه كما صرح به في الأصل فقال: اصطاد المحرم صيدا كثيرا على قصد الاحلال والرفض لاحرامه فعليه لذلك كله دم لأنه قاصد إلى تعجيل الاحلال إلى الجناية على الاحرام وتعجيل الاحلال يوجب دما واحدا كما في المحصر. كذا في المبسوط. وقد يقال: لا يصح القياس لما أن تعجيل الاحلال في المحصر مشروع بخلافه هنا ولهذا كان قصده باطلا ولا يرتفض به الاحرام فوجوده وعدمه سواء.
قوله: (وهو قيمة الصيد بتقويم عدلين في مقتله أو أقرب موضع منه فيشتري بها هديا وذبحه إن بلغت هديا أو طعاما وتصدق به كالفطرة أو صام عن طعام كل مسكين يوما) أي الحزاء ما ذكر لقوله تعالى * (ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذو اعدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ليذوق وبال أمره) * ( المائدة: 95) اطلق المصنف ولم يقيد بالعمد كما في الآية لأنه لا فرق بين الناسي والعامد كإتلاف الأموال لأن هذا الجزاء ليس كفارة محضة كما قدمنا. والتقييد به في الآية لأجل الوعيد المذكور في آخرها لا لوجوب الجزاء، لأن الآية نزلت في حق من تعدى كما ذكره القاضي البيضاوي. وأشار بذكر القيمة فقط إلى أنها المراد بالمثل في الآية وهو المثل معنى لا المثل صورة ومعنى، وإنما لم يعمل بالكامل كما قال محمد والشافعي فإنهما أوجبا النظير فيما