البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٤٧٨
إذا مذهب أبي حنيفة فهي عنده إذا جوزي بها حرف لمجرد الشرط لأن مجرده ربط خاص وهو من معاني الحروف، وقد تكون الكلمة حرفا أو اسما، فلما كانت للشرط والوقت لم يقع الطلاق للحال بالشك، وعندهما كمتى للوقت. وحاصله أن الإمام بنى مذهبه على إن إذا تخرج عن الظرفية وتكون لمحض الشرط وهو قول بعض النحاة كما ذكره في المغني لكن ذكر أن الجمهور على أنها للظرفية متضمنة معنى الشرطية وأنها لا تخرج عن الظرفية وهو مرجح لقولهما هنا، وقدر حجه في فتح القدير. ولا يرد على أبي حنيفة أنت طالق إذا شئت حيث وافقهما أنها كمتى فلا يخرج الامر من يدها ولو كانت ك‍ " إن لخرج الامر من يدها الشك الخروج بعد تحقق الدخول. واعترض عليه بأن وقوع الشك في الشرطية والظرفية يوجب وقوعه في الحل والحرمة في الحال فكان ينبغي أن تحرم تقديما للمحرم كما قالا. وأجيب بأن الشك لا يوجب شيئا إنما ذلك مع تعارض دليل الحرمة مع دليل الحل فالاحتياط العمل بدليل الحرمة، أما هنا لو اعتبرنا الحرمة لم نعمل بدليل بل بالشك. وقيدنا بعدم النية لأنه لو نوى به إذا معنى متى صدق اتفاقا قضاء وديانة لتشديده على نفسه، وكذا إذا نوى به إذا معنى إن على قولهما. وينبغي أن يصدق عندهما ديانة فقط لأنها عندهما ظاهرة في الظرفية والشرطية احتمال فلا يصدقه القاضي. وقيدنا بعدم دلالة الفور لأنه لو قامت دلالة عليه عمل بها، ولذا قال في القنية: لو قالت له طلقني فقال إن لم أطلقك يقع على الفور. وقد زاد هذا القيد في المبتغى بالمعجمة فقال: لو قال لها إن لم تخبريني بكذا فأنت طالق فهو على الأبد إن لم يكن ثمة ما يدل على الفور ا ه‍. وتبعه عليه في فتح القدير وقال: إنه قيد حسن. ومن ثم قالوا: لو أراد أن يجامع امرأته فلم تطاوعه فقال إن لم تدخلي البيت معي فأنت طالق فدخلت بعد ما سكتت شهوته طلقت لأن مقصوده في الدخول كان قضاء الشهوة وقد فات.
وفي الولوالجية: البول لا يقطع الفور والصلاة إذا خاف خروج وقتها كذلك. وهو قول الحسن بن زياد وبه يفتى. وقال نصير: الصلاة تقطع الفور. وستأتي مسائل الفور في آخر باب اليمين على الخروج والدخول إن شاء الله تعالى. ومما يناسب مسألة أن الصلاة لا تقطع الفور ما في الفتاوى الصيرفية: حلف بالطلاق ليصلين الظهر في مسجده فذهب إلى موضع لو يجئ تفوته الصلاة وإلا لا قال: يصليها في وقته وتطلق. ثم رقم بعلامة ب د أن هذا في الواحدة، أما في الثلاث فيصلي في مسجده ا ه‍. وقيد باقتصاره في التعليق على عدم التطليق لأنه لو قال إذا طلقتك فأنت طالق وإذا لم أطلقك فأنت طالق فمات قبل أن يطلق وقع عليها طلاقان، لأنه لما مات قبل التطليق حنث في اليمين الثانية فيقع عليها طلاق، وهذا الطلاق
(٤٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 473 474 475 476 477 478 479 480 481 482 483 ... » »»
الفهرست