البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٤٦٧
إذا ألغى ذكر الغد يصير فاصلا بين الشرط والجزاء فوجب أن يتجزى الجزاء، ولو قدم الشرط وقال إن دخلت الدار فأنت طالق غدا يتعلق طلاق الغد بالدخول ا ه‍. وبه علم أن التقييد بالوقت إنما يصح إذا لم يأت بعده تعليق لتعارض الإضافة والتعليق فيترجح المتأخر.
قوله: (ونية العصر تصح في الثاني) أي نية آخر النهار تصح مع ذكر كلمة في ولا تصح عند حذفها قضاء عند أبي حنيفة. وقالا: لا تصح في الثاني كالأول والفرق له عموم متعلقها بدخولها مقدرة لا ملفوظة لغة للفرق بين صمت سنة وفي سنة لغة، وكذا شرعا فيما لو حلف ليصومن عمره فإنه يتناول جميع عمره حتى لا يبر في يمينه إلا بصوم جميع العمر.
ولو قال لأصومن في عمري فإنه يتناول ساعة من عمره حتى لو صام ساعة بر في يمينه كما في المعراج، فنية جزء من الزمان مع ذكرها نية الحقيقة لأن ذلك الجزء من أفراد المتواطئ ومع حذفها نية تخصيص العام فلا يصدق قضاء، وإنما يتعين أول أجزائه مع عدمها لعدم المزاحم.
وجعلهم لفظة غد عاما مع كونه نكرة في الاثبات لتنزيل الاجزاء منزلة الافراد وكان يكفيهم أن يقال إنه خلاف الظاهر وفيه تخفيف على نفسه. وهذا بخلاف ما لا يتجزى الزمان في حقه فإنه لا فرق فيه بين الحذف والاثبات كصمت يوم الجمعة وفي يوم الجمعة. قيدنا بكونه قضاء لأنه يصدق ديانة فيهما اتفاقا واليوم والشهر ووقت العصر كالغد فيهما. ومثل قوله في غد قوله في شعبان مثلا فإذا قال أنت طالق في شعبان فإن لم تكن له نية طلقت حين تغيب الشمس من آخر يوم من رجب، وإن نوى آخر يوم من شعبان فهو على الخلاف، ومما تفرع على حذف في وإثباتها لو قال أنت طالق كل يوم يقع واحدة عند الثلاثة. وقال زفر: تقع ثلاث في ثلاثة أيام. ولو قال في كل يوم طلقت ثلاثا في كل يوم واحدة إجماعا كما لو قال عند كل يوم أو كلما مضى يوم. والفرق لنا أن في للظرف والزمان إنما هو ظرف من حيث الوقوع فيلزم من كل يوم فيه وقوع تعدد الواقع بخلاف كون كل يوم فيه الاتصاف بالواقع، فلو نوى أن تطلق كل يوم تطليقة أخرى صحت نيته. وفي الخلاصة:
أنت طالق مع كل يوم تطليقة فإنها تطلق ثلاثا ساعة حلف. وفي التتمة: أنت طالق رأس كل شهر تطلق ثلاثا في رأس كل شهر واحدة، ولو قال أنت طالق رأس كل شهر طلقت واحدة لأن في الأول بينهما فصل في الوقوع ولا كذلك في الثاني، ولو قال أنت طالق كل جمعة فإن كانت نيته على كل يوم جمعة فهي طالق في كل يوم جمعة حتى تبين بثلاث، وإن كانت نيته على كل جمعة تمر بأيامها على الدهر فهي طالق واحدة، وإن لم يكن له نية
(٤٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 462 463 464 465 466 467 468 469 470 471 472 ... » »»
الفهرست