البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٤٧٧
موصلا أنت طالق بر كما سيأتي. ومثل متى حين وزمان وحيث ويوم، فلو قال حين لم أطلقك ولا نية له فهي طالق حين سكت، وكذا زمان لم أطلقك وحيث لم أطلقك ويوم لم أطلقك إذا كان بلم الجازمة فلو كان بلا النافية نحو زمان لا أطلقك أو حين لا أطلقك بحرف لا النافية لم تطلق حتى تمضي ستة أشهر. والفرق بين الحرفين أن لم تقلب المضارع ماضيا مع النفي وقد وجد زمان لم يطلقها فيه فوقع، وكلمة لا للاستقبال غالبا فإن لم يكن له نية لا يقع في الحال. وإنما يراد بحين ستة أشهر لأنه أوسط استعمالاته من الساعة والأربعين سنة وستة أشهر في قوله تعالى * (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون) * (الروم: 17) * (هل أتى على الانسان حين من الدهر) * (الدهر: 1) * (تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها) * (إبراهيم: 25) والزمان كالحين لأنهما سواء في الاستعمال. ولو قال يوم لا أطلقك لم تطلق حتى يمضي يوم الكل من المحيط. وأما حيث فهي للمكان وكم مكان لم يطلقها فيه. كذا في فتح القدير. فكأنه قال أنت طالق في مكان لم أطلقك فيه. وذكر في المغني أن الأخفش جعلها للزمان أيضا فلا إشكال. وقيد بما ذكر لأنه لو قال كلما لم أطلقك فأنت طالق وسكت يقع الثلاث متتابعا لا جملة لأنها تقتضي عموم الانفراد لا عموم الاجتماع، فإن لم تكن مدخولا بها بانت بواحدة فقط. وقيد بمطلق الوقت لأنه لو قيده مع العدم كأن قال إن لم تدخلي الدار سنة فأنت طالق فمضت السنة قبل الدخول طلقت كما في الايلاء. كذا في البدائع.
قوله: (وفي إن لم أطلقك أو إذا لم أطلقك أو إذا ما لم أطلقك لا حتى يموت أحدهما) أي لا يقع الطلاق إلا بموت أحدهما قبل التطليق عند عدم النية ودلالة الفور لأن الشرط أن لا يطلقها وذلك لا يتحقق إلا باليأس عن الحياة وهو في آخر جزء من أجزاء الحياة. أما في موته فظاهر ولم يقدره المتقدمون بل قالوا: تطلق قبيل موته، فإن كانت مدخولا بها ورثته بحكم الفرار وإن كان الطلاق ثلاثا وإلا لا ترثه. وأشار بقوله بموت أحدهما أن موتها كموته. وصححه في الهداية، ولا يرد عليه ما لو قال إن لم أدخل الدار فأنت طالق حيث يقع بموته لا بموتها لأنه يمكنه الدخول بعد موتها فلا يتحقق اليأس بموتها فلا يقع الطلاق، أما الطلاق فإنه يتحقق اليأس عنه بموتها لعدم المحلية، وإذا حكمنا بوقوعه قبيل موتها لا يرث منها الزوج لأنها بانت قبيل الموت فلم يبق بينهما زوجية حال الموت. إنما حكمنا بالبينونة وإن كان المعلق صريحا لانتفاء العدة كغير المدخول بها لأن الفرض أن الوقوع في آخر جزء لا يتجزى فلم يله إلا الموت وبه تبين، ولذا جعل المصنف الوقوع بالموت وإن كان قبيله وقد ظهر أن عدم إرثه منها مطلق، سواء كانت مدخولا بها أو لا، ثلاثا أو واحدة، وبه تبين أن تقييد الشارح عدمه بعدم الدخول أو الثلاث غير صحيح، وتسوية المصنف بين إن و
(٤٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 472 473 474 475 476 477 478 479 480 481 482 ... » »»
الفهرست