البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٤٦٢
حرف الواو للجمع والظرف يجمع المظروف فصح أن يراد به معنى الواو. وقيد بكونه نوى بفي الواو لأنه لو نوى بها معنى مع وقع الثلاث مدخولا بها أو غير مدخول بها كما لو قال لغير المدخول بها أنت طالق واحدة مع ثنتين وإرادة معنى لفظة مع بها ثابت كقوله تعالى * (ويتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة) * (الأحقاف: 16) وأما الاستشهاد بقوله تعالى * (فادخلي في عبادي) * (الفجر: 29) أي مع عبادي فبعيد ينبو عنه * (وادخلي جنتي) * (الفجر:
29) فإن دخولها معهم ليس إلا إلى الجنة فهي على حقيقتها، ولهذا قال في الكشاف: إن المراد في جملة عبادي، وقيل في أجساد عبادي، ويؤيده قراءة في عبدي والأوجه الاستشهاد بما ذكرنا، وحكم ما إذا نوى الظرفية حكم ما إذا لم ينو شيئا لأنه ظرف له فلذا لم يذكره المصنف فالوجوه خمسة قوله: (وثنتين في ثنتين ثنتان) يعني إن لم تكن له نية أو نوى الظرف أو الضرب لما ذكرتا وإن نوى معنى الواو أو معنى مع وقعت ثلاث في المدخول بها وفي غيرها اثنتان في الأول وثلاث في الثاني كما قدمناه قوله: (ومن هنا إلى الشام واحدة رجعية) لأنه وصفه بالقصر لأن الطلاق متى وقع وقع في جميع الدنيا وفي السماوات فلم يثبت بهذا اللفظ زيادة شدة. وقال التمرتاشي: مع أنه إنما مد المرأة لا الطلاق. ووجهه أنه حال ولا يصلح صاحب الحال في التركيب إلا الضمير في طالق.
قوله: (وبمكة وفي مكة وفي الدار تنجيز) فتطلق في الحال وإن لم يكن في الدار ولا بمكة، وكذا في الظل، وفي الشمس والثوب كالمكان، فلو قال في ثوب كذا وعليها غيره طلقت للحال، وكذا لو قال أنت طالق مريضة أو مصلية أو وأنت مريضة، وإن قال عنيت إذا لبست أو إذا مرضت صدق ديانة لا قضاء لما فيه من التخفيف على نفسه كما إذا قصد بمسألة الكتاب الدخول فيتعلق به ديانة لا قضاء وإنما تعلق الطلاق بالزمان دون المكان لأن فيه معنى الفعل وبين الفعل والزمان مناسبة من حيث إنه لا بقاء لهما، فكما يوجدان يذهبان وللمكان بقاء لا يتجدد كل ساعة أما الزمان يتجدد ويحدث كل ساعة كالفعل فكان اختصاص الطلاق بالزمان أكثر. كذا في المعراج. وفي الخانية: لو قال أنت طالق في الليل والنهار طلقت واحدة، ولو قال أنت طالق في الليل وفي النهار تقع ثنتان، ولو قال أنت طالق في ليلك ونهارك طلقت للحال، ولو قال أنت طالق إلى رأس الشهر أو إلى الشتاء تعلق قوله: (وإذا دخلت مكة تعليق لوجود حقيقة التعليق) وكذا إذا قال أنت طالق في دخولك الدار أو في لبسك ثوب كذا يتعلق بالفعل فلا تطلق حتى تفعل لأن حرف في للظرف والفعل لا يصلح شاغلا له فيحمل على
(٤٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 ... » »»
الفهرست