البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٤٦٠
تطليقات فقالت ثلاث تكفيني فقال ثلاث لك والباقي على صواحبك وقع الثلاث عليها ولم يقع شئ على غيرها لأن الباقي بعد الثلاث صار لغوا فقد صرف اللغو إلى صواحبها فلا يقع شئ ا ه‍. وقدمنا خلافا في الأخيرة.
قوله: (ومن واحدة أو ما بين واحدة إلى اثنتين واحدة وإلى ثلاث اثنتان) يعني عند أبي حنيفة فتدخل الغاية الأولى دون الثانية، وقالا بدخولهما فيقع في الأولى ثنتان وفي الثانية ثلاث استحسانا بالتعارف إلا أنهما أطلقا فيه، وأبو حنيفة يقول: إنما تدخل الغايتان عرفا فيما مرجعه الإباحة كخذ من مالي من عشرة إلى مائة، وبع عبدي بمال من مائة إلى ألف، وكل من الملح إلى الحلو، فله أخذ المائة والبيع بألف وأكل الحلواء، وأما ما أصله الخطر حتى لا يباح إلا لدفع الحاجة فلا، والطلاق منه فكان قرينة على عدم إرادة الكل غير أن الغاية الأولى لا بد من وجودها ليرتب عليها الطلقة الثانية في صورة إيقاعها وهي صورة من واحدة إلى ثلاث إذ لا ثانية بلا أولى، ووجود الطلاق عين وقوعه بخلاف الغاية الثانية وهي ثلاث في هذه الصورة فإنه يصح وقوع الثانية بلا ثالثة، أما صورة من واحدة إلى ثنتين فلا حاجة إلى إدخالها لأنها إنما دخلت ضرورة إيقاع الثانية وهو منتف، وإيقاع الواحدة ليس باعتبار إدخالها غاية بل بما ذكرنا من انتفاء العرف فيه فلا تدخل فيلغو قوله من واحدة إلى ثنتين ويقع بطالق واحدة، ولا يرد أنت طالق ثانية حيث لا يقع إلا واحدة لأن ثانية لغو فيقع بأنت طالق. وقد ظهر بهذا التقرير أن الاختلاف إنما نشأ من اعتبار إثبات العرف وعدمه مع الاتفاق على اعتبار العرف فلا يرد دخول المرافق لأن العرف لما أدخل ما بعد إلى تارة وأخرجه أخرى وكان الاحتياط الدخول. فإن قيل: ما بين هذا وهذا يستدعي وجود الامرين ووجودهما وقوعهما فيقع الثلاث. الجواب أن ذلك في المحسوسات، وأما ما نحن فيه من الأمور المعنوية فإنما يقتضي الأول احتمال وجود الثاني عرفا، ففيما بين الستين إلى السبعين يصدق إذا لم يبلغ السبعين. كذا في فتح القدير. وفي جامع الفصولين: لو باع بالخيار إلى غد دخل الغد في الخيار، ولو حلف ليقضين دينه إلى خمسة أيام لا يحنث ما لم تغرب الشمس من اليوم الخامس، وكذا لا يكلمه إلى عشرة أيام دخل العاشر، وكذا في إن تزوجت إلى عشر سنين دخلت العاشرة، وأما في الإجازة ففي بعض الكتب: لو أجر إلى خمس سنين دخلت الخامسة، وفي عامة الكتب لا تدخل ا ه‍. وتمام تقريره في شرحنا المسمى بتعليق الأنوار على أصول المنار. ولو نوى في الثانية واحدة دين ديانة لا قضاء لأنه يحتمله وهو خلاف الظاهر.
وأشار بقوله إلى ثنتين إلى أنه لو قال من واحدة إلى واحدة تقع واحدة بالأولى اتفاقا، وقيل
(٤٦٠)
مفاتيح البحث: الحاجة، الإحتياج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 ... » »»
الفهرست