وتعقبه في فتح القدير بأنه بعد كونه غلطا بعيد عن معرفة مقام الاجتهاد فإن من شرطه معرفة العربية وأساليبها لأن الاجتهاد يقع في الأدلة السمعية العربية والذي نقله أهل الثبت في هذه المسألة عمن قرأ الفتوى حين وصلت خلافه وأن المرسل بها الكسائي إلى محمد بن الحسن ولا دخل لأبي يوسف أصلا ولا للرشيد، ولمقام أبي يوسف أجل من أن يحتاج في مثل هذا التركيب مع إمامته واجتهاده وبراعته في التصرفات من مقتضيات الألفاظ. ثم قال:
وإن تخرقي بضم الراء مضارع خرق بكسرها. والخرق بالضم الاسم وهو ضد الرفق، ولا يخفى أن الظاهر في النصب كونه على المفعول المطلق نيابة عن المصدر لقلة الفائدة على إرادة أن الطلاق عزيمة إذا كان ثلاثا، وأما الرفع فلامتناع الجنس الحقيقي. بقي أن يراد مجاز الجنس فتقع واحدة أو العهد الذكري وهو أظهر الاحتمالين فيقع الثلاث، ولذا ظهر من الشاعر أنه أراده كما أفاده البيت الأخير، فجواب محمد بناء على ما هو الظاهر كما يجب في مثله من حمل اللفظ على الظاهر وعدم الالتفات إلى الاحتمال ا ه. ولا يخفى أن العهد الذكري حيث كان أظهر الاحتمالين فكان ينبغي أن يجيب محمد بما يقتضيه وهو الثلاث، فكلام ابن الهمام آخره مخالف لأوله كما لا يخفى. ثم اعلم أن ابن الصائغ تعقب ابن هشام في منع كونها للجنس الحقيقي بأنه يجوز كونها بمعنى كل المجموعي لا كل الافرادي، ويصير المعنى أن مجموع أفراد الطلاق ثلاث لا أن الواقع منه ثلاث. ورده الشمني بأن اللام ليس من معانيها الكل المجموعي وإن كان معنى من معاني كل، وتعقب ابن هشام أيضا الدماميني في كون الثلاث حالا من الضمير في عزيمته بأن الكلام محتمل لوقوع الثلاث على تقدير العهد أيضا بأن تجعل للعهد الذكري، ورده الشمني بأنه إنما نفى لزوم الثلاث وهو صادق باحتمال الثلاث، وتعقب الشمني ابن هشام أيضا في كون النصب يحتمل أن يكون على المفعول المطلق فيقتضي الثلاث بأنه إنما يقتضيه لو كان مفعولا مطلقا للطلاق الأول أو للطلاق الثاني واللام للعهد، أما إذا كان مفعولا مطلقا للطلاق الثاني واللام للجنس فلا يقتضي ذلك ا ه. وقيد بقوله أنت طالق لأنه لو قال أنت الثلاث ونوى لا يقع لأنه جعل الثلاث صفة للمرأة لا صفة للطلاق المضمر فقد نوى ما لا يحتمله لفظه فلم يصح. ولو قال لامرأته أنت مني بثلاث ونوى الطلاق طلقت لأنه نوى ما يحتمله، وإن قال لم أنو الطلاق لم يصدق إن كان في حالة مذاكرة الطلاق لأنه لا يحتمل الرد، ولو قال أنت بثلاث وأضمر