البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٤٥٢
قوله: (ولو قال أنت الطلاق أو أنت طالق الطلاق أو أنت طالق طلاقا يقع واحدة رجعية بلا نية أو نوى واحدة أو ثنتين فإن نوى ثلاثا فثلاث) بيان لما إذا كان الخبر عنها المصدر معرفا كان أو منكرا أو اسم الفاعل وذكر بعده المصدر معرفا أو منكرا. أما الوقوع باللفظ الأول أعني المصدر فلانه يذكر ويراد به اسم الفاعل. يقال رجل عدل أي عادل فصار كقوله أنت طالق، ويرد عليه أنه إذا أريد به اسم الفاعل يلزمه عدم صحة نية الثلاث، وجوابه أنه حيث استعمل كان إرادة طالق به هو الغالب فيكون صريحا في طالق الصريح فيثبت له حكم طالق، ولذا كان عندنا من الصريح لا يحتاج إلى النية لكونه يحتمل أن يراد على حذف مضاف أي ذات طلاق. وعلى هذا التقدير تصح إرادة الثلاث، فلما كان محتملا توقف على النية بخلاف نية الثنتين بالمصدر لأن نية الثلاث لم تصح باعتبار أنه كثره بل باعتبار أنها فرد من حيث إنه جنس واحد، وأما الثنتان في الحرة فعدد محض وألفاظ الوحدان لا يحتمل العدد المحض بل يراعى فيها التوحيد، وهو بالفردية الحقيقية والجنسية التي هي فرد اعتباري والمثنى بمعزل عنهما. فلو كان طلق الحرة واحدة ثم قال لها أنت الطلاق ناويا اثنتين، فهل تقع الثنتان لأنه كل ما بقي؟ قلت: لا تقع إلا واحدة لما في الخانية: لو قال لحرة طلقها واحدة أنت بائن ونوى ثنتين تقع واحدة ا ه‍. وعلله في البدائع بأن الباقي ليس كل جنس طلاقها.
وصرح في الذخيرة بأنه إذا نوى ثنتين بالمصدر فإنه لا يصح وإن كان طلقها واحدة. وأما ما في الجوهرة من أنه إذا تقدم على الحرة واحدة فإنه يقع ثنتان إذا نواهما يعني مع الأولى فسهو ظاهر. وفرق الطحاوي بين المصدر المنكر حيث لا تصح فيه نية الثلاث، وبين المعرف حيث يصح لا أصل له على الرواية المشهورة كما في البدائع. وأما وقوعه بانت طالق الطلاق أو طلاقا فظاهر، وأما صحة نية الثلاث فبالمصدر مع أن المنتصب هو مصدر طالق لكون الطلاق بمعنى التطليق كالسلام بمعنى التسليم فهو مصدر لمحذوف كذا قالوا. ولا يتم إلا بإلغاء
(٤٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 457 ... » »»
الفهرست