البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٤٥
الذبح لقدرته عليه فكان جانيا مؤخرا فلزمه دمان، وأما إلزام أن ذلك يوجب دمين فيما إذا قدم نسكا على نسك لأنه لا ينفك عن الامرين ولم يقل به أبو حنيفة فممنوع أيضا لأن الحلق قبل الذبح لا يحل فكان جناية على الاحرام بخلاف الذبح قبل الرمي فإنه ليس بجناية لأنه مباح مشروع في نفسه، وإنما لم يكن نسكا كاملا إذا قدمه فكيف يوجب دما وليس بجناية وإنما يجب دم واحد باعتبار التقديم، وبهذا يعلم أنه لو حلق قبل الرمي فهو كما لو حلق قبل الذبح بالأولى. وأما قوله لوجب ثلاثة دماء فنلتزمه لأنه على هذا القول يلزمه ثلاثة دماء، دمان للجناية ودم القران. وأما لزوم خمسة دماء فممنوع على كل قول لأن جناية القارن إنما تكون مضمونة بدمين فيما على المفرد فيه دم. والمفرد لو حلق قبل الذبح لا يلزمه شئ فلا يتضاعف الغرم على القارن. هكذا أجاب في العناية. وأجاب في غاية البيان بأن التضاعف على القارن إنما يكون فيما إذا أدخل نقصا في إحرام عمرته، أما فيما لا يوجب نقصا فيه فلا يجب إلا دم واحد كما قدمناه فإنه قد أتى بركنها وواجبها، ولهذا إذا أفاض القارن قبل الإمام أو طاف للزيارة جنبا أو محدثا لا يلزمه إلا دم واحد لأنه لا تعلق للعمرة بالوقوف وطواف الزيارة، وعلى تقدير أن يكون جناية القارن مضمونة بدمين مطلقا فإنه يلزمه أربعة دماء لا خمسة لأن حلقه قبل أوانه جناية توجب دمين وتقديم النسك على النسك يوجب دما واحدا ودم القران، ويمكن أن يتعدد دم القران ولا يمكن أن يتعدد دم التقديم باعتبار أنه جناية لأن الجناية على الحلق قبل أوانه وقد وجب فيها دمان فلا يجب شئ آخر. هذا ما ظهر لي في توجيه كلام الهداية لكن المذهب خلافه كما قدمناه والله أعلم.
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»
الفهرست