واجبة حتى لو أبطأ الإمام بالدفع يجوز للناس الدفع قبله. وهذا الواجب إنما هو في حق من وقف نهارا، أما إن وقف ليلا فلا شئ عليه اتفاقا لأن الجزء الأول من وقوفه اعتبر ركنا والجزء الثاني اعتبر واجبا. كذا في غاية البيان: فإن دفع قبل الغروب ثم عاد إن عاد بعد الغروب ففيه روايتان، ظاهر الرواية عدم السقوط والصحيح السقوط لأنه استدرك المتروك.
كذا في غاية البيان. وإن عاد قبل الغروب ففيه اختلاف والقول بالسقوط أظهر خصوصا على التصحيح السابق بل أولى، وقد قدمنا أن وقت الوقوف بمزدلفة من طلوع الفجر وآخر طلوع الشمس فالوقوف في غير وقته كتركه. وإنما وجب دم واحد بترك الجمار في الأيام كلها لأن الجنس متحد كما في الحلق، والترك إنما يتحقق بغروب الشمس من آخر أيام الرمي وهو الرابع لأنه لم يعرف قربة إلا فيها وما دامت الأيام باقية فالإعادة ممكنه فيرميها على التأليف.
ثم بتأخيرها يجب الدم عند أبي حنيفة خلافا لهما، وإن ترك رمي يوم فعليه دم ولو يوم النحر لأنه نسك تام. قيد برمي يوم لأنه لو ترك إحدى الجمار الثلاث فعليه صدقة لأن الكل نسك واحد في يوم فكان المتروك أقل فيلزمه لكل حصاة نصف صاع من بر أو صاع من تمر أو صاع من شعير إلا أن يبلغ دما فينقص ما شاء إلا أن يكون المتروك أكثر من النصف بأن يترك أحد عشر من واحد وعشرين فحينئذ يلزمه الدم لأن للأكثر حكم الكل. وذكر الأسبيجابي أنه إن أخر رمي جمرة العقبة إلى اليوم الثاني لزمه دم، وإن أخر رميها في اليوم الثاني إلى الثالث أو في اليوم الثالث إلى الرابع ورمى الجمرتين لزمه صدقة لأنها في اليوم الأول كل الرمي في ذلك اليوم وفي غيره ثلث الرمي فيكون مؤخرا للأقل، ولو لم يرم الجمرتين لزمه دم لتأخير الأكثر، وعندهما لا شئ عليه للتأخير أصلا.
قوله: (أو أخر الحلق أو طواف الركن) أي تجب شاة بتأخير النسك عن زمانه فإن الحلق وطواف الزيارة مؤقتان بأيام النحر، فإذا أخرهما عن أيام النحر ترك واجبا فيلزمه دم، وكذا بتأخير الرمي عن وقته كما قدمناه. وهذا عند أبي حنيفة، وعندهما لا شئ عليه لحديث الصحيحين لم أشعر حلقت قبل أن أذبح قال: افعل ولا حرج. وقال آخر: نحرت قبل أن أرمي قال: افعل ولا حرج. فما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شئ قدم أو أخر إلا قال افعل ولا حرج. وله أن التأخير عن المكان يوجب الدم فيما إذا جاوز الميقات غير محرم فكذا