البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٤٣
الحرم، ولهما القياس على الذبح وبعض الحديبية من الحرم فلعلهم حلقوا فيه مع أن المحصر لا حلق عليه وإن فعل فحسن كما في المحيط وغيره. وقوله عليه السلام خذوا عني مناسككم فالحاصل أن الحلق يتوقت بالمكان والزمان عند أبي حنيفة، وعند أبي يوسف لا يتوقت بهما، وعند محمد يتوقت بالمكان دون الزمان، وعند زفر على عكسه، وهذا الخلاف في التوقيت في حق التضمين بالدم أما لا يتوقت في حق التحلل بالاتفاق قوله: (ودمان لو حلق القارن قبل الذبح) أي يجب دمان عند أبي حنيفة بتقديم القارن أو المتمتع الحلق على الذبح، وعندهما يلزمه دم واحد، وقد نص ضابط المذهب محمد بن الحسن في الجامع الصغير على أن أحد الدمين دم القران والآخر لتأخير النسك عن وقته، وأن عندهما يلزم دم القران فقط لكن وقع لكثير من المشايخ اشتباه بسبب ذكر الدمين في باب الجناية فإن الظاهر من العبارات أن الدمين لأجل الجناية وإلا كان ذكر الدم الواحد كافيا للعلم بدم القران من بابه، ومنهم صاحب الهداية فإنه قال: فعليه دمان عند أبي حنيفة: دم بالحلق في غير أوانه لأن أوانه بعد الذبح، ودم لتأخير الذبح عن الحلق. وعندهما يجب دم واحد وهو الأول ولا يجب بسبب التأخير شئ ا ه‍. فجعل الدمين للجناية فنسبه في غاية البيان إلى التخبيط وإلى التناقض فإنه جعل في باب القران أحدهما للشكر والآخر للجناية، ونسبه في فتح القدير إلى أنه سهو من القلم لأنه لو وجب ذلك لزم في كل تقديم نسك على نسك دمان لأنه لا ينفك عن الامرين ولا قائل به، ولوجب في حلق القارن قبل الذبح ثلاثة دماء في تفريع من يقول إن إحرام عمرته انتهى بالوقوف، وفي تفريع من لا يراه كما قدمناه خمسة دماء لأنه جناية على إحرامين والتقديم والتأخير جنايتان ففيهما أربعة دماء ودم القران ا ه‍. وهكذا في النهاية والعناية ولم أر جوابا عنه، وظهر لي أنه لا تخبيط ولا سهو من صاحب الهداية لما أن في
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست