البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٣٨٣
وأمره بالعدل لأنه أساء الأدب وارتكب ما هو حرام عليه وهو الجور فيعزر في ذلك اه‍.
وحاصله أنه لا يعزر في المرة الأولى وإذا عزر فتعزيره بالضرب. وفي الجوهرة: لا يعزر بالحبس لأنه لا يستدرك الحق فيه بالحبس لأنه يفوت بمضي الزمان اه‍. وهذا مستثنى من قولهم إن للقاضي الخيار في التعزير بين الضرب والحبس.
قوله: (وللحرة ضعف الأمة) يعني إذا كان له زوجتان حرة وأمة فللحرة الثلثان من القسم وللأمة الثلث، بذلك ورد الأثر عن علي رضي الله عنه، ولان حل الأمة انقص من حل الحرة فلا بد من إظهار النقصان في الحقوق. وأطلقها فشمل المكاتبة والمدبرة وأم الولد والمبعضة لأن الرق فيهن قائم. وفي البدائع: وهذا التفاوت في السكنى والبيتوتة، فأما في المأكول والمشروب والملبوس فإنه يسوي بينهما لأن ذلك من الحاجات اللازمة، وقدمنا أنه مبني على اعتبار حاله، أما على اعتبار حالهما فلا. وفي المعراج: لو أقام عند امرأته الأمة يوما ثم أعتقت لم يقم عند الحرة إلا يوما واحدا لاستوائهما في سبب الاستحقاق، وتجعل حريتها عند انتهاء النوبة بمنزلة حريتها عند ابتداء النوبة، وكذا لو أقام عند حرة يوما ثم أعتقت الأمة تحول عنها إلى المعتقة لما ذكرنا اه‍ قوله: (ويسافر بما شاء منهن والقرعة أحب) لأنه قد يثق بإحداهما في السفر وبالأخرى في الحضر والقرار في المنزل لحفظ الأمتعة أو لخوف الفتنة، أو يمنع من سفر إحداهما كثرة سمنها فتعيين من يخاف صحبتها في السفر لخروج قرعتها إلزام للضرر الشديد وهو مندفع بالمنافي للحرج، وأما ما رواه الجماعة من قرعته صلى الله عليه وسلم بينهن إذا أراد سفرا فكان للاستحباب تطييبا لقلوبهن لأن مطلق الفعل لا يقتضي الوجوب فكيف وهو محفوف بما يدل على الاستحباب من عدم وجوب القسم عليه صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى * (ترجي من تشاء منهن وتؤوى إليك من تشاء) * () وكان ممن أرجاهن سودة وجويرية وأم حبيبة وصفية وميمونة، وممن آوى عائشة والباقيات رضي الله عنهن أجمعين. قال القاضي في تفسيره: ترجي من تشاء منهن تؤخرها وتترك مضاجعتها، وتؤوي إليك من تشاء تضم إليك وتضاجعها، أو تطلق من تشاء وتمسك من تشاء، ومن ابتغيت أي طلبت ممن عزلت طلقت بالرجعة فلا جناح عليك في شئ من ذلك اه‍. قيد بالسفر لأن مرضه لا يسقط القسم عنه وقد صح أنه عليه السلام لما مرض استأذن نساءه أن يمرض في بيت عائشة رضي الله عنها فأذن له، ولم أر كيفية قسمه في مرضه إذا كان لا يستطيع التحول إلى بيت
(٣٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»
الفهرست