البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٣٨١
والحاصل أن العدل في الكتاب مبهم يحتاج إلى البيان لأنه أوجبه، وصرح به بأنه مطلقا لا يستطاع فعلم أن الواجب منه شئ معين، وكذا السنة جاءت مجملة فيه، فإن قوله المروي في السنن الأربعة كان عليه السلام يقسم فيعدل ويقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك. يعني القلب. أي زيادة المحبة، فظاهره أن ما عداه داخل تحت ملكه وقدرته في التسوية ومنه عدد الوطآت والقبلات والتسوية فيها غير لازمة بالاجماع، وكذا ما رواه الإمام أحمد من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل (1) أي مفلوج ولم يبين فيه المراد. قال في فتح القدير: لكن لا نعلم خلافا في أن العدل الواجب في البيتوته والتأنيس في اليوم والليلة وليس المراد أن يضبط زمان النهار فبقدر ما عاشر فيه إحداهما يعاشر الأخرى بقدره بل ذلك في البيتوتة، وأما النهار ففي الجملة اه‍.
والحاصل أن التسوية في المحبة لما بين الشارع سقوطها بقي ما أجمعوا عليه مرادا وهو البيتوتة، وظاهر كلامهم أن لا تجب التسوية فيما عداها ولذا قال في الهداية: والتسوية المستحقة في البيتوتة لا في المجامعة لأنه يبتني على النشاط اه‍. وفي البدائع: يجب عليه التسوية بين الحرتين أو الأمتين في المأكول والمشروب والملبوس والسكنى والبيتوتة اه‍. وهكذا ذكر الولوالجي، والحق أنه على قول من اعتبر حال الرجل وحده في النفقة فالتسوية فيها واجبة أيضا، وأما على قول المفتى به من اعتبار حالهما فلا لأن إحداهما قد تكون غنية والأخرى فقيرة فلا يلزمه التسوية بينهما مطلقا في النفقة. وفي الغاية: اتفقوا على التسوية في النفقة قال الشارح: وفيه نظر فإنه في النفقة يعتبر حالهما على المختار فكيف يدعي الاتفاق فيها على التسوية ولا يتأتى ذلك إلا على قول من يعتبر حال الرجل وحده اه‍.
قوله: (والبكر كالثيب والجديدة كالقديمة والمسلمة كالكتابية فيه) أي في القسم لاطلاق ما تلونا. وما روينا ولان القسم من حقوق النكاح ولا تفاوت بينهما في ذلك وما روي في الحديث للبكر سبع وللثيب ثلاث وقوله عليه السلام لام سلمة إن شئت سبعت لك وسبعت لنسائي، وإن شئت ثلثت لك ودرت فالمراد التفضيل في البداءة بالجديدة دون الزيادة، ولا شك أن الأحاديث محتملة فلم تكن قطعية الدلالة فوجب تقديم الدليل القطعي والأحاديث المطلقة، وحينئذ فلا معنى لتردده في فتح القدير في القطعية، وكما لا فرق بين ما ذكر ومقابليهن لا فرق بين المجنونة التي لا يخاف منها والمريضة والصحيحة والرتقاء
(٣٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 ... » »»
الفهرست